أكد الأستاذ مصطفى بن إبراهيم المبارك، الدبلوماسي السعودي المخضرم وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية اندونيسيا الأسبق، أن الإعلام أصبح أقوى من الجيوش لما له من تأثير وأدوار كبيرة في تشكيل الرأي العام وصناعة التوجهات العامة، مبينًا أن علاقة العمل بين الدبلوماسي والإعلامي ستظل حساسة ودقيقة ويشوبها كثير من الحذر، لما قد يترتب عليها من آثار وردود أفعال، داعيًا الشباب السعودي المتميّز من الخريجيين الجدد للعمل في السلك الدبلوماسي لما فيه من قيم وايجابيات وفوائد عدة.
جاء ذلك ضمن برنامج “القهوة الرمضانية للإعلاميين بالأحساء” الذي تنظمه غرفة الأحساء سنويًا امتدادًا لدورها في خدمة وتنمية المجتمع ودعم نشاطات المسؤولية المجتمعية والتسويق لواحة الأحساء ومواردها الوطنية وتعزيزًا لعلاقتها مع الإعلام والإعلاميين، مؤخرًا، بحضور الأستاذ عبداللطيف العرفج رئيس مجلس إدارة الغرفة والأستاذ عبدالله النشوان أمين عام الغرفة وعدد كبير من الإعلاميين بالأحساء وذلك بقاعة الشيخ ناصر الزرعة -رحمه الله- بمقر الغرفة الرئيسي.
وخلال الأمسية التي قدمها وأدارها خالد القحطاني مدير الإعلام والنشر بالغرفة، أستعرض السفير المبارك نشأته الأحسائية ومسيرته التعليمية ومسار تخصصه في العلوم السياسية وبداياته العملية في وزارة الخارجية مبينًا أن والده وعمه السفير أحمد المبارك -رحمهما الله- كانا يشجعانه على خوض غمار السفر والترحال لما فيه من فوائد، فتنقل دبلوماسيًا من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق ما أكسبه خلفية علمية ومعرفية واسعة أرضت كثيرًا من شغفه في التعرّف على ثقافات ولغات وشعوب العالم المختلفة.
وأوضح السفير المبارك أن الكثيرين لا يعرفون حجم التحديات والصعوبات في العمل الدبلوماسي، لأنها ببساطة لا تظهر للآخرين الذين يرون فقط الأعلام والسيارات الفاخرة والتشريفات البروتوكولية، مبينُا أن هناك فروقات كبيرة بين العمل الدبلوماسي في الداخل السعودي والعمل الخارجي في البعثات الدبلوماسية حول العالم لافتًا إلى أن الكثيرين من الدبلوماسيين السعوديين لا يفضلون العمل الخارجي لما فيه من غربة وابتعاد عن الوطن والأهل وصعوبات التكيّف والعمل المتجددة.
وحول علاقته مع الأستاذ غازي القصيبي -رحمه الله- حينما عملا معًا في السفارة السعودية بلندن، أكد المبارك أن القصيبي كان فعلًا رجلًا استثنائيًا ومدرسة إدارية كبيرة مبينًا أنه تعلم منه الكثير وأن تجربة العمل معه هي مما أهلته حقيقة وكثيرًا لتولي مناصب قيادية في الوزارة مشيرًا إلى أنه كان صارمًا وحازمًا في الدوام والعمل، لافتًا إلى أنه -رحمه الله- أول من ابتكر فكرة (الصالون الدبلوماسي) في سفارات المملكة، حيث كنا نجتمع شهريًا بعيدًا عن الفلاشات والصور والصيغ الرسمية لمناقشة كل مسؤول وإداري بالسفارة عن أدق تفاصيل عمله ومشكلاته وتجاربه والمواقف التي تمر به.
وعن تجربة عمله سفيرًا في اندونيسيا بيّن المبارك أنها تجربة ثرية وعميقة وذات طبيعة خاصة، لأن اندونيسيا أكبر بلد إسلامي بتعداد يبلغ أكثر من 260 مليون نسمة وبها أكبر وأقدم جمعيات إسلامية حول العالم، مؤكدًا ضرورة تضافر جهود الدبلوماسية ووسائل الإعلام لتغيير الصورة السلبية المزعجة التي تختزل الحديث والتعامل مع هذا البلد الكبير في ملف العمالة المنزلية فقط، مبينًا أن هذا الأمر ظل يزعجه طوال فترة عمله.
وأشار السفير المبارك إلى أن ما يجمعنا مع بلد كإندونيسيا أكبر بكثير من موضوع العمالة المنزلية مشيرًا إلى القدر الكبير من الحب والتقدير الذي يكنه الاندونيسيين للمملكة وشعبها وكذلك كل هو ما هو إسلامي وعربي، لافتًا إلى وجود مجالات عمل وتجارب ناجحة في اندونيسيا يمكننا الاستفادة منها هنا في المملكة منها بينها الاستثمار في مجالات الطاقة النظيفة والمتجددة والاستفادة من الثروات الطبيعية الهائلة بالبلاد وكذلك التعليم وبشكل خاص كليات ومعاهد تعليم اللغة العربية التي تعتمد بالكامل في تشغيلها وادارتها على مواردها الذاتية.
وفي نهاية برنامج الأمسية تداخل الزملاء الإعلاميين بعدد من الأسئلة والمداخلات حول المقومات والمعايير الشخصية المطلوبة في الدبلوماسي ومستقبل تجربة المرأة السعودية في العمل الدبلوماسي، ثم قام رئيس الغرفة والأمين العام بتكريم سعادة السفير المبارك بدرع الغرفة التذكاري وكذلك الزملاء الإعلاميين بهدايا تقديرية.
يُشار إلى أن برنامج القهوة الرمضانية السنوية للإعلاميين بالأحساء هي تقليد مُتبع لدى الغرفة منذ عدة سنوات، لتوفير فرصة خاصة للقاء الإعلاميين مع بعضهم والحوار والنقاش مع ضيف كريم صاحب تجربة مهنية وعلمية وحياتية مميزة ومُلهمة تساهم في نشر وتعزيز الوعي وإثراء وصقل التجارب العامة والتنموية.