للمملكة العربية السعودية ثراء عظيم بنخبها الفكرية والاجتماعية والثقافية التي قدمت نفسها والشخصية الوطنية في أجمل صور العطاء الإنساني، وكانت ولا تزال عناوين ضخمة بحجم الإنسانية التي تلهم الأجيال، وتجعلها تفتخر بأولئك الرجال الذين أثروا المشهد الوطني والفكري بمسيرة ممتدة وحافلة بالكثير من المنجزات التي تضيف للإنسانية جمعاء وليس وطننا الغالي وحسب.
يقودني ذلك إلى التوقف في محطة تاريخية نوثقها لأبناء الوطن من خلال تتبع ورصد وتوثيق تلك السير النبيلة التي ظلت محل فخرنا واعتزازنا وعنوانا لكل ما هو سعودي، وذلك هو المفكر والمثقف والأديب أحمد باديب ابن جدة عروس البحر ومفخرة المملكة عبر العصور والأزمان، حيث قدمت هذه المدينة الفاضلة العديد من الرموز في المعرفة والثقافة والفكر والأدب والتجارة والعمل العام، الذي يكتب تاريخه أنه كان أول مدرس سعودي كيميائي يدرس المواد العلمية حيث عمل في مدارس الثغر بجدة، وذلك عقب دراسته الكيمياء والأحياء بجامعة الملك سعود، وتخرجه فيها.
وكعادة الأفذاذ واصل باديب مسيرته العلمية بتميز وطموح عال قاده إلى ابتعاثه لتكملة الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، فكان نموذجا للطالب المبتعث في حسن معاملته وتعامله وعلاقاته، ومع تفوقه العلمي حصل على درجة الماجستير في التربية، وعاد لخدمة وطنه وهو مسلح بالعلم ليعمل في مكتب الاتصالات الذي أسسه الملك فيصل “رحمه الله”، ثم عمل بعد ذلك مديرا لمكتب رئيس الاستخبارات السعودية الأمير تركي الفيصل، ثم مساعدا له، ثم مستشارا حتى تقاعده.
كان طوال مسيرته العملية مثالا للشفافية والنزاهة والتجرد والإخلاص والتفاني، مملوءا بحب وطنه، وقد كان له مبدأه في العمل إذ ظل يأخذ الراتب على قدر العمل ومخافة الله والتمسك بالمبادئ والقيم وأداء الصلوات في أوقاتها، وقد امتدت تجربته في العمل بجهاز الاستخبارات كمدير لمكتب الأمير تركي الفيصل إلى عشرين عاما، استطاع خلالها أن يتعلم من الأمير تركي أخلاقيات الملوك والاستمرار في بذل الخير والمعروف من اجل الآخرين.
والشيخ باديب علامة فارقة في العطاء الإنساني النبيل، فإلى جانب قوة فكره وحسن إدارته تمتع بقبول فائق بدا واضحا في ممارسته التجارية التي نجح فيها بإمتياز من خلال أعماله الاستثمارية التي تقدمت ونجحت بفضل الله ثم قدرته المدهشة على قراءة اتجاهات السوق والعملاء.
كما أنه لم يتوقف عن عطائه الفكري والثقافي، إذ أنه يمتلك خصائص مذهلة في شخصيته، حيث أنه أديب ومثقف من طراز فريد يؤكد أصالة شخصيته المعرفية، حيث سبق له ترؤس مجلس إدارة صحيفة البلاد، وأسس مركزه الخاص للاستشارات والدراسات الإعلامية، وتحفيزا للأداء المعرفي والعلمي المتميز في هذا المجال الإبداعي خصص جوائز للفنون الأدبية والتراثية والثقافية للمهتمين والباحثين من كل عالمنا العربي.
ولا ننسى جائزة باديب للهوية الوطنية، وهي جائزة ثقافية عربية مقرها الدائم القاهرة، وهدفها الأول دعم الشباب العربي في مسارات (الشعر، القصة، المسرح، التأليف الموسيقي، الفن التشكيلي)، وذلك من خلال أعمال إبداعية تحاكي الوجدان العربي وتسهم في تطوير ذلك، ليعزز في الذاكرة الوطنية عطاء مثاليا وقدوة ونبراسا مهما يضيء لأجيال الوطن مساحات شاسعة من العطاء والعمل الذي يرتكز على الوعي والمعرفة.
كتابنا
> نموذج أحمد باديب الثقافي والوطني الرائد
نموذج أحمد باديب الثقافي والوطني الرائد
21/07/2019 12:49 م
نموذج أحمد باديب الثقافي والوطني الرائد
لا يوجد وسوم
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://shahdnow.sa/98968/