حينما تحاول أن تعزف مقطوعة موسيقية ، فإنك تبحث عن النوتة التي رسمت لتبدأ بالمسار الصحيح مخرجا مقطوعة تسر السامعين ، وإن كانت النوتة هي الطريق الجيد للعزف الجميل ، فإن أروقة جمعية الثقافة والفنون بجدة ، مثلت هي الأخرى طريقا للثقافة والفنون بتنظيمها للملتقى الثقافي لتدشين عدد من الكتب لمجموعة من المؤلفين ، الذي أقامته أواخر يوليو الماضي بمقرها ، بالتعاون مع شركة تكوين العالمية للطباعة والنشر والتوزيع ” عضو اتحاد الناشرين العرب ” .
ومثلت مجموعة الإصدارات التي شرفني مؤلفوها بإهدائي نسخا منها ، مكسبا ثقافيا وعلميا ، وكان من بين هذه الإصدارات المجموعة القصصية " ظلال " للدكتورة سونيا مالكي ، وهي مجموعة اعتمدت فيها الكاتبة على أساسيات كتابة القصة ، فبدأت بخطواتها الأولى المتمثلة في الفكرة ، ثم تحديد الراوي ، وبناء الشخصيات ، وإجادتها للحبكة أيقظت دواخلنا ، وحركت دوافعنا ، واشعرتنا بالتقلبات بين الخيال والواقع ، والموت والحياة .
وإن ابحرت السفن نحو المحيطات والبحار لتطلعنا على السواحل والمدن الغائبة عن أنظارنا ، فإن الدكتورة سونيا نقلتنا بمجموعتها من عالم الصمت والخمول إلى عالم الابداع والنشاط ، من خلال استخدامها لبعض المصطلحات سواء في عناوين قصصها ، كاختيارها لــ " كرغاء الناقة "، وإدخال هذا العنوان جاء لتنمية الثقافة العامة لدى القارئ ، فــ " كرغاء الناقة " يعني رغوتها كما يقال ، ويقال أيضا : " رُغاء ، مصدر رغَا " ، وقيل : " صوت الإبل :كفى برُغائها مناديًا [مثل]: رغاء بعيره يقوم مقام ندائه في الدعوة إلى الضيافة والقِرى " ، كما ورد في معجم: اللغة العربية المعاصر
والواضح أن القاصة لم تسع لجعل عناوين قصصها تقليدية ، لكنها جعلتها بأسلوب مشوق لجذب القارئ وتنمية ثقافته ، كما جعلت عناوين بعض قصصها ذات جاذبة للعادات والتقاليد ، كقصتها " شوفه " التي وإن حملت نموذجا من عادات وتقاليد الزواج في الماضي ، فإنها أشارت إلى أن هناك آثار نفسية تتركها هذه العادات والتقاليد يصعب محوها .
وإن نجحت القاصة في اختيار عناوينها لجذب القراء ، فإنها وافقت في اختيارها للشخصيات ، والأزمنة ، والأمكنة ، وبهذا تكون قد أحسنت العناصر الأساسية للقصة ، وأحسنت حبكتها ، وهذا ما برز في قصة "أصوات"، إذ استطاعت أن تشهد انتباه القراء بقدرتها على إبراز الشخوص ، وتسلسل الأحداث .
خلاصة القول إن الكاتبة الدكتورة سونيا مالكي استطاعت من خلال مجموعتها أن تجعل لقصة هدف ورسالة حتى وإن كانت قصيرة كقصر ثوان الساعة ، وهذا ما قرآنه في قصة "ثوان" ، إضافة لقصصها الأخرى كــ " حوار"، و "رحيل"، و "صدمة"، و" ضرة" والتي استطاعت من خلالها الكاتبة أن تجذب انتباه القارئ لمضمونها لا شعوريا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصل ahmad.s.a@hotmail.com