حينما أهداني الدكتور هاني عثمان ياسين غازي ، وكيل جامعة أم القرى للتطوير وخدمة المجتمع ـ سابقا ـ نسخة من كتابه " هذا أبي " ، وقبل أن اقلب صفحاته ، وأقرأ محتوياته تذكرت قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ) رواه مسلم .
كما تذكرت معه والدي ـ يرحمه الله ـ ، والمواقف والمعاناة التي عاشها ليوفر لنا طعامنا وكسوتنا ، ويجعلنا أعضاء نافعين في المجتمع ، كما تذكرت ما يحفظه التاريخ ، وما تدونه الأقلام عن الأعمال التي يتركها الإباء لأبنائهم ، وأبرزها السيرة الحسنة ، والدعوة الدائمة .
وفي كتاب " هذا أبي " جعل الدكتور هاني عبارة " الوصول للقمة ليس سهلا ، ولكن الأصعب البقاء فيها " ، ليوضح أنه من السهل الوصول إلى أعلى القمة بالصعود من درجات السلم درجة درجة ، لكن كيف يمكنك البقاء في القمة ، لأن البقاء يحتاج لعمل شاق ، وتخطيط سليم ، وتنفيذ جيد .
والواضح أن الدكتور هاني أراد أن يوجه رسالة للشباب مذكرا إياهم بقول الشاعر :
ألا بالصبر تبلغ ما تريدُ
وبالتقوى يلين لك الحديد
فكن رجلاً على الطاعات جَلْداً
له في الله قد صدقت عهود
وكن بالله معتصماً وسَلْه
عوائدَ برّه فيها يجود
وأخلص صالح الأعمال واشكر
له نعماً فليس لها عديد
ولا تنظر لغير الله واعلم
بأن الله يفعل ما يريد
ولأن الله يفعل ما يريد ، فقد جعل الدكتور هاني همسته تقول : " أعلم أن أول طريق النجاح في الدنيا بر الوالدين ، وهي الخطوة الأولى لدخول الجنة " والهمسة هذه ليست اعتيادية لكنها تربوية ، حملت النصح والإرشاد للشباب ، وأوضحت لهم أن أبواب الجنة مرهونة ببر الوالدين .
أما مقدمة الكتاب والتي الأستاذ سليمان عواض الزايدي مدير التعليم بمنطقة مكة المكرمة ، وعضو مجلس الشورى ـ سابقا ـ فقد جاءت لتؤكد مقولة " الوَلَد سِرّ أبيه " ، واختيار الدكتور هاني للأستاذ سليمان الزايدي لكتابة المقدمة بني على أسس أولها أن الأستاذ عثمان بن ياسين غازي ، زامل الأستاذ سليمان في مجال التربية والتعليم ، وهو أكثر الناس معرفة بحياته العملية .
ولم يكتف الدكتور هاني بمقدمة الأستاذ سلميان الزايدي ، بل حرص على الاستعانة بما قاله طلابه واصدقاؤه وزملائه ، ومنهم الدكتور هلال أحمد عاشور أستاذ الفقه بجامعة أم القرى ، ومن تلاميذه الدكتور بسام غلمان ، ومن زملائه الأستاذ خالد الحسيني ، وغيرهم .
وإن أحسن الدكتور هاني في اختيار عنوان كتابه ، فقد أحسن أيضا في اختيار من تحدثوا عن والده ، فجعلهم من الأصدقاء والطلاب والزملاء ، ليعبر كل منهم عن علاقته به ، كما أحسن في تبويب الكتاب وتوزيع محتوياته لتكون متناسقة بأسلوب سردي ممتع ، مبتدئا بطفولته حول الحرم ، ثم التحاقه بالعمل الحكومي كمعلم ، وتولي القيادة المدرسية ، وحياته الاجتماعية وغيرها .
والكتاب جاء ليوجه رسالة لكل أفراد الأسرة ، للشباب كيف يعاملون آبائهم ، وللأصحاب كيف يرونوا ذكريات من تعاملوا معهم ، وللطلاب كيف ينظرون اليوم لمعلميهم .
فشكرا للدكتور هاني على إهدائه القيم ، وشكرا لكل كلمة دونها ليوقظ إحساسنا تجاه والدينا ، وندعو بالرحمة لمن مات منهم ، والصحة والعافية لمن بقي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصل ahmad.s.a@hotmail.com