اليوم الوطني مناسبة تتجدد بتجدد معانيها التي تغشانا مع دوران الفلك، هذا اليوم الذي أشرق صباحه بالوحدة وجمع الكلمة، وأتى مساؤه بالفخر والكرامة، اليوم الذي جعل بقعة وطننا الجغرافية في صدارة الأوطان بما أصبح لها من مقومات السيادة وروافد العزة، ومحبة الوطن تنغرس في نفوسنا مُنذ الصغر، بل يكاد الشعور بحُبّ الوطن أن يكون فطرياً، يولد مع الإنسان ويتأصل داخله، ومع ذلك يبقى وطننا الغالي أسمى وأطهر بقاع المعمورة، وقبلة المسلمين، فكأنه ملجأ ملياري مسلم وموحِّد في جهات الأرض الأربع.
ومن هنا كان الانتماءُ إليه واجبا دينيا قبل أن يكون ارتباطا جغرافيا، فضلا عما ننعم به على أرضه وتحت سمائه من أمن واستقرار ورخاء، مما يوجب علينا واجب صيانته من أي ضرر، بما في ذلك من احترام القانون، والالتزام السلوكي والتشريعي أداء للحقوق وحفاظا على الواجبات، إضافةً إلى التصدي دون الوطن لأي معتدٍ يهدد مصالحَه أو حدودَه، وتربية أطفالنا على حُبه، وكيفية الحفاظ عليه، ومن ذلك تعزيز المناهج التعليمية المدرسيّة خاصّةً بالحديث عن معنى الوطن، والمسؤوليات المُلقاة على كاهلنا تجاهه.
وليس من الوطن مَن لم يكن له فداءً وإن كان إليه ينتمي، وليس من الوطن مَن يطلق الشعارات التي لا يصدقها الفعل، ويتغنى بالعطاء وهو يضنّ بما لديه من طاقات تساهم في رفعته وتُصلح من حال أبنائه.
إن حب الوطن والانتماء إليه من أهم وأبرز المشاعر التي تقوم على رسم السمات الشخصية للإنسان الذي يرتبط الإنسان ارتباطًا وثيقًا بأرضه الذي نشأ فيها، ويحمل العديد من الخصائص والمميزات والأفكار والعادات والتقاليد الخاصة التي تميزت بها أرضُهُ، وحددت سماتِ مجتمعِه.. وأختم بقول الرافعي رحمه الله:
ولا خيرَ فيمن لا يحبُّ بلادَهُ ولا في حليفِ الحبِّ إنْ لم يتيَّمِ
ومن تؤوِهِ دارٌ فيجحدُ فضلها يكن حيواناً فوقه كل أعجمِ