يقول: ما تركت بابًا لإسعاد زوجتي إلا ودخلته، أنفقت من مالي على طلباتها الضَّروريَّة والكماليَّة في حين قصَّرتُ على نفسي، ذهبت بها إلى حيث تريد، أحضرت لها ما تحتاج للمنزل، أنفقت على الأولاد، فلماذا هي بعد ذلك لا تُبادلني الحُبّ؟ لا أشعر أنها تُقدِّر جُهدي وتَعبي!
شكوى بهذه الصُّورة أو قريبة منها بالتأكيد أنها مرَّت بكم من قبل، وربما كان المشتكي الزَّوجة التي رأت أنَّها (ما قصَّرت) مع زوجها، لكنها لم تجد حُبًا يكافئ تلك التَّضحية، وتقديرًا يوافي ذلك الجُهد!
أيُّها الشَّريكان الوفيَّان.. جهدٌ تُشكَرُون عليه، وعملٌ رائعٌ أن تحاولَ إسعادَ شريك حياتك بكل ما تستطيع، فبابُ الإنفاقِ على الأهل من أعظم أبواب الخير؛ بل أعظمها، ففي الصَّحيح يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "دِينارٌ أنْفَقْتَهُ في سَبيلِ اللهِ، ودِينارٌ أنْفَقْتَهُ في رَقَبَةٍ، ودِينارٌ تَصَدَّقْتَ به علَى مِسْكِينٍ، ودِينارٌ أنْفَقْتَهُ علَى أهْلِكَ؛ أعْظَمُها أجْرًا الذي أنْفَقْتَهُ علَى أهْلِكَ"، ومن يجتهد في إسعادِ شريك حياته فسيعود ذلك عليه أولاً قبل أن يعود على شريكه، وهذا ملاحظ مُشاهد، لكن المهم جدًا أن يعرف كلُّ شريك أنَّ التَّقصير من عَدمِه مرتبطٌ بالاحتياج لدى الطَّرف الآخر، فتقديرك –أيها الكريم، وأيتها الكريمة- لنوعِ الاحتياج وطريقةِ تقديمه لا يكفي لكونه مشبعًا لرغبات الطَّرف الآخر! فقد تجتهد في الإنفاق، في حين أنك وُجدانيًا بعيدٌ عن زوجتك، لا تُشعرها بالأمانِ والحَنان، وقد تجتهد الزَّوجة في خدمة الزَّوج وتقوم على الطَّعام وتربية الأبناء وتصرف الساعات الطويلة في ذلك في حين أنها لم تملأ عين زوجها وقلبه! نعم.. إنَّ الحياةَ الزوجيَّة ليست وظيفة تُؤدَّى، أو أغراض تُشترى، إنها حياة يختلط فيها العقلُ بالعاطفة، والعقلُ بالجسد، والكلامُ بالأفعال، وقد يزيدُ جانبٌ من تلك الجوانب في حياة شخص دون آخر؛ لذا فإن الحاجات الأساسيَّة تكاد تشترك بين جميع الناس، لكنَّ قَدْرَها، وكيفيتَها تختلفُ من علاقة لأخرى، وكلما كان تحقيق الاحتياجات أكبر كان حضُورُ السَّكن والمودَّة والرَّحمة أعظم في الحياة الزَّوجيَّة، ومن ثمَّ يكون غرس التربية في الأبناء أنفع لنفسهم ودينهم ووطنهم، فالبيئة السويَّة تبدأ من فهمٍ صحيح، وتحقيقٍ مقبول للاحتياجات بين الزَّوجين.
إن الـمُصارَحَة بين الأزواج من سُبُل الوصولِ السَّريع للحاجيات التي تنقصهما، والحوار المستمر، وتجديد الرُّوتين، وقبل ذلك وبعده الدعاء المستمر: "ربَّنَا هَب لنا من أزواجِنَا وذُرِّيَّاتنا قُرَّة أَعيُنٍ واجعَلْنَا للمُتَّقِينَ إِمامًا" .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مؤلِّف، وباحث لغوي واجتماعي
masayed31@