منذ ما يقارب الخمسة عقود واكثر كان فصل الشتاء فى المدينه المنوره ،شديد البروده مما يجعل المجتمع المديني بكل شرائحه يتجهز لفصل الشتاء قبل حلوله بملابس صوفيه ومعاطف وكل ما يفيد ويدفئ ويحمي الجسم بعون الله من شدة البروده .وما كنا نتخذه لمجابهة الطقس البارد الى مستوى (الصقيع) شراء الملابس الشتوية. الشتاء فى طيبه الطيبه كان قاسي جدا ، نذهب مع والدنا رحمه الله لصلاة الفجر فى المسجد النبوي الشريف ، فبعد اداء صلاة الفجر نتلو ماتيسر من كتاب الله حتى طلوع الشمس ، بعدها نتوجه عبر برحة باب السلام الى محل مخصص لبيع (السحلب)فى الشتاء ، والأيسكريم فى الصيف ومعروف لدى الجميع باسم ( ايسكريم عبدالغني التركي ) وكان مشهور جدا بإجادة صنع "السحلب الساخن" و"الايسكريم" لذيذ الطعم والنكهة لم يظهر مثيل له الى تاريخنا المعاصر ، وكان البرد القارس فى المدينه المنوره سابقا يجعل الناس يبحثون عن كل ما يفيدهم جسديا للتدفئه بشرب المشروبات الساخنه بأنواعها من الشاي والحليب المضاف اليه مسحوق(الزنجبيل )ليمد الاجساد بالطاقه والحيويه الدافئه ،وتجد اشتعال المواقد بالفحم والحطب ، بعد اضافة الكيروسين(القاز) ونلتف حولها بهدف التدفئه ونتابع ما تم وضعه عليها من اواني خاصة للمشروبات الساخنه وحبات الكستناء (أبوفروه) والذره وبعض المخبوزات مثل (الخبز)العيش الحب وبعض الاطعمه المفيده للمساعدة على مواجهة الطقس شديد البرودة
إلى جانب الملابس الملونه الثقيلة المخصصة لفصل الشتاء من ثياب صوفيه وخلافها من الانواع المتوفره للبيع فى الاسواق والمعاطف باحجامها المختلفه والشراريب للارجل واليدين واغطية خاصة ومصممه للحفاظ على الرأس والاذنين من الهواء البارد، إلى جانب الاحذيه بانواعها واحجامه المختلفه، وكبار السن يلاحظ عليهم لبس (الخف) المصنع من الجلد وبعدة احجام طويلة تغطي الرجل والساق من صقيع البرد وشدته عند ذهابهم لاداء الصلوات خاصة صلاة الفجر
ومن المأكولات والحلويات الشتوية فى تلك الحقبه السعيده من حياتنا حلاوة (الفوفل) المصنعة من السكر والدقيق مع اضافة الزنجبيل وبعض المنكهات حسب الرغبه وكذلك طبق (الحلاوه التركيه) المصنعه من (التمر والسمن البلدي والدقيق) والقهوة الحلوة الساخنة المصنعة من (الارز المصري المطحون والسكر والحليب والهيل المطحون مع اضافة اللوز البجلي)، ويكثر استخدام (القرفه) والزنجبيل مع المشروبات الساخنة،،
وربات البيوت يجدن اعداد الاطباق والفطائر بأنواعها الحلو والمالح فى فصل الشتاء والحساء المكون من شوربة الحب او من المقادم وشوربة لحمة رأس الخروف وغيرها من المتوفر لدى ربة المنزل
ومن المفيد الجلوس تحت أشعة الشمس صباحا لكسب طاقة لتدفئة الجسم كنا نسميها (تشمس)، ومع تقلب الأجواء تنتشر أمراض ومشاكل الجهاز التنفسي مما يستدعي استخدام بعض الأدوية داخل المنازل دون الذهاب للمستشفيات مثل (دهان للفيكس) وأبو فاس والقرض وما كنا نسميه (كألمين) جميعها مخصصة لالتهاب الجهاز التنفسي واللوز والزكام إلا عند تفاقم الحالة وتطورها يذهب بالمريض إلى المستشفى ليتم علاجه بالأدوية المخصصة لفترة الشتاء القارس.
فعلا كان شتاء طيبة الطيبة قارسا جدا جدا، لكننا دعنا هذه الطقوس المتنوعة لمواجهة البرد القارس بوسائل أكثر تأثيرا وتدفئة كهربائيا وتنوعت الأطعمة من داخل وخارج المملكة سواء حلويات أو أطعمه متنوعة وكذلك أساليب علاج نزلات البرد تطورت عن السابق والأدوية متوفرة بأنواعها.
والمستشفيات جاهزة لاستقبال الحالات خاصة كبار السن والأطفال المصابين بنوبات (الربو الشعبي) بعلاجهم ليعودوا إلى منازلهم بصحة وسلامه من المولى العلي القدير، ومما كان يزيد حالة التأثر من شدة برودة الطقس أن غالبية المجتمع يسيرون بأقدامهم وذلك للذهاب إلى المساجد والأسواق ومقر أعمالهم الحكومية والخاصة، والقليل منهم من يملك سيارة خاصة أو وسيلة نقل.
ومن أسوأ الذكريات خلال فترة الشتاء واستخدام أدوات التدفئة بالحطب والفحم وقفل الأبواب والنوافذ على من داخل غرف النوم مما يسبب تصاعد الأدخنة وتلاشى الأكسجين ويحل ثاني أكسيد الكربون مما تسبب بالاختناق والوفاء، رغم ما تقدم إدارة الدفاع المدني من التوعية والتحذير من استخدام وسائل تدفئه وقفل الأبواب والنوافذ دون السماح بفتحات تخرج الأدخنة الضارة
شتاء المدينة المنورة حاليا يعتبر من ضمن الأجواء اللطيفة والدافئة مقارنة بالأيام الخوالي لشتاء طيبة الطيبة بتوفر سبل الرفاهية داخل المنازل وداخل وسائل النقل وفي مواقع العمل الحكومي والخاص وهذا من فضل الله علينا، نحمده ونشكره على فضله ونعمائه علينا حمدا كثيرا
وَكُلَّ شِتَاءٍ وَالْجَمِيعَ بِخَيْرٍ وَحِفْظٍ مِنْ اَلْمَوْلَى اَلْعَلِيِّ اَلْقَدِيرِ ؛ ؛ ؛ ؛