نمضي في هذه الدنيا بين الأفراح والأتراح .. ينتابنا شعور الفرح تارة وشعور الحزن تارة أخرى إنعكاساً لما نعيشه من متغيرات الحياة وأقدار الزمان التي تجري علينا بقدر الله .. فأحياناً يمر علينا الفرح (زواج أو تخرج أو ترقية أو تحقيق منصب وغيرها) فنحتفل ونشعل قنادل الفرح ..
وأحياناً أخرى يطوف بنا الحزن من حالات (الوفاه أو المرض أو المصائب وملمات الحياة بأنواعها) فتضيق بنا الدنيا ويعتصرنا الألم ونكاد نسقط لولا أن نجد من يخففه عنّا من أحبابنا وأصدقاءنا بمواساتنا وتصبيرنا والوقوف بجانبنا في ذلك المصاب حتى نعود لحياتنا الطبيعية .
فما أجملنا ونحن نفرح لبعضنا البعض وما أجملنا ونحن نتألم لألم بعضنا البعض
وما أجملنا ونحن تدعو لبعضنا البعض في ظهر الغيب
وفي الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم (ما من مؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك الموكل: آمين ولك بمثله) فدعوة المسلم لأخيه المسلم في ظهر الغيب مستجابة،
والله ما هذه الدنيا إلا رحلة عابرة ، التقينا فيها وسنرحل ،
ما هي إلا أيام أو أشهر أو سنوات وتبقى بعدنا الذكرى
فما أجمل أن تكون ذكرى طيبة
ما هذه الدنيا دار تنافس إلا في الخير ، لملاحقة الصالحين ومسابقة المتحابين في الله
ومهما تنافسنا فيها لأمور دنيوية فهي تبقى لاقيمة لها إذا أفتقدنا الحب .. وإن حصلنا على ما نسعى له فهو يبقى أمر دنيوي .. وإن كُتب في تاريخ منجزاتك .. لكن لا يكون فخراً إلا مع السيرة العطرة والذكر الطيب إذا حل ذكرك
ويمكن أن نصنع الذكر الطيب والسيرة العطرة ونخلدها في حياتنا وبعد مماتنا ، إذا ملأنا قلوبنا حب ، وتمسكنا بأوامر الله ورسوله .
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
لا تَحاسدُوا، وَلا تناجشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلا تَدابرُوا، وَلا يبِعْ بعْضُكُمْ عَلَى بيْعِ بعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللَّه إِخْوانًا ، المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم: لا يَظلِمُه، وَلا يَحْقِرُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، التَّقْوَى هَاهُنا ويُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مرَّاتٍ بِحسْبِ امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِر أَخاهُ المُسْلِمَ، كُلّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حرامٌ: دمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ رواه مسلم.
وعن أَنسٍ عن النَّبيِّ ﷺ قَالَ: لا يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ متفقٌ عليه
كم كان معنا من الأقارب والزملاء والأصدقاء في هذه الدنيا ونتذكر بعضهم قبل فترة بسيطة (أشهر أو سنوات قليلة) واليوم قد رحلوا وتركوا الدنيا الفانية إلى الحياة الباقية
وربما كل منّا يتذكر من أحبابه الذين رحلوا
نتذكرهم الآن بالذكر الطيب وندعو لهم كلما حل ذكرهم
لذلك أظهروا الحب وانشروه بينكم ، قفوا مع بعضكم في الملمات وضمدوا جراح بعضكم في مصائب الحياة .. وليحاول كل منّا أن يلبّي دعوة أخيه لأي مناسبة قدر المستطاع ، وإذا تعذر ذلك فليعتذر ، فهذا له وقع والله في نفس الداعي ورفعه لمكانة المدعو في قلبه .
استمروا في تبادل التهاني في الأفراح .. وواسوا بعضكم في الأحزان والأتراح .. وقفو مع بعضكم في تضميد الجراح .. تزيد محبتكم ومكانتكم في قلوب محبيكم .. ناهيكم عن الأجر العظيم من الله والفوز والفلاح .
دمتم أحباب ومحبين .