إن كانت طرق الحج القديمة مثلت جسوراً للتواصل بين المدن والأمصار العربية والإٍسلامية ، وساهمت في نقل الثقافات والمعارف ، ولعبت دورا في تنقلات الحجاج ، فمن خلالها سلكت قوافل الحجاج دروبها صوب مكة المكرمة والمدينة المنورة ، والتي عرفت لاحقا بطرق الحج ودروبه .
ونقلت كتب التاريخ ومذكرات الرحالة ما بذله خلفاء المسلمون من جهد وما أنفقوه من مال لتوفير طرق آمنة للحجيج ، وكان اول من عمل على تهيئة الطرق الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه بإنشاء الاستراحات بالطريق الرابط بين المدينة المنورة ـــ مكة المكرمة ، ليتمكن الحجاج والمارة من النزول بها خلال سفرهم .
وخلال الرحلة التي نظمها نادي " قبلة الدنيا " ، وضمت مجموعة من المتخصصين والمتخصصات في تاريخ مكة المكرمة ، والإعلاميين وتشرفت بالمشاركة بها ، واثناء مرورنا بمسجد التنعيم ، عادت بي الذاكرة إلى ما قرأته عن التنعيم الموضع الذي يقع فيه مسجد السيدة عائشة رضي الله عنها ، وسبب تسميته ، لكونه واقع بين جبل نعيم عن يمينه ، وجبل ناعم عن يساره ، كما تذكرت الأعلام الواقعة بجهة التنعيم والتي بناها الخليفة الراضي العباسي سنة 325هـ ، ولا زالتا قائمتان حتى الآن .
وإن كانت الرحلة تضمنت زيارة متحف دار الفنون الإسلامية ، الذي يعد المتحف الأول من نوعه في المملكة ، المتخصص في الفن الإسلامي، " ويضم مجموعة من المقتنيات والأعمال الفنية التي تختزل الزمن وتمثل مدارس عديدة لحقب مختلفة من فنون الحضارة الإسلامية ذات القيمة التاريخية والثقافية، جاء هذا المتحف ليعكس ما بلغته الحضارة الإسلامية من أقصى بلاد الصين والهند الى أقصى بلاد المغرب وبلاد الأندلس من فنون شتى، حيث يحتوي المتحف على أكثر من ألف قطعة فنية تمثل 15 قرنا من تاريخ الفن الإسلامي من كافة أقطار العالم الإسلامي " ، غير أن الطريق إليه منحنا فرصة التعرف على العديد من المواقع والاثار التاريخية بالطريق الرابط بين مكة المكرمة ــ المدينة المنورة ، ومنها " وادي فاطمة " الذي اختلف المؤرخون في تسميته ، فذهب البعض إلى أنه نسب إلى فاطمة بنت سعد الخزاعية أم قصي بن كلاب القرشي ، وهي زوجة كلاب بن مرة ، الجدة الخامسة للرسول صلى الله عليه وسلم ، وذهب آخرون للقول بأنه نسب لفاطمة الزهراء بنت الرسول صلى الله عليه وسلم ، زوجة علي بن أبي طالب ري الله عنه ، وأم السبطين الحسن والحسين .
فيما قال البعض أنه منسوب لفاطمة الخزاعية التي عرفت بــ " الطبيبة " ، وان كان هذا هو الأرجح ، لكن فريق آخر قال : انه نسب لفاطمة بنت أمير مكة الشريف ثقبة بن رميثة ، التي تزوجها الشريف أحمد بن عجلان ، وولدت له محمد الذي ولي إمارة مكة بعد وفاة أبيه .
وبعيدا عن خلاف المؤرخين في سبب تسمية وأدي فاطمة ، فإن ما جنيته شخصيا كمشارك في رحلة نادي " قبلة الدنيا " ، إلى متحف الفنون الإسلامية منحني الكثير من العلم والمعرفة عن مواقع قرأت عنها ولم أقف عليها ، فشكرا لنادي " قبلة الدنيا " على تنظيم هذه الرحلة التي منحتني شخصيا الكثير من المعلومات والفوائد ، وأتمنى أن نجد أندية الهواة بمكة المكرمة تخطو مثل هذه الخطوات ، فأم القرى مليئة بالأسرار التاريخية وتحتاج إلى من يكشفها للشباب والناشئة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصل ahmad.s.a@hotmail.com