الليلة تحل علينا ليلة النصف من شهر شعبان والتي فيها كرم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأن طيب خاطره بتحويل القبلة من المسجد الاقصى الى المسجد الحرام أستجابة لهوى قلبه صلى الله عليه وسلم الذي كان معلقا بمكه، ويمتلي شوقا وحنينا أليها، وقد اخرجه قومه واضطروه الى الهجرة الى المدينة المنورة ، ومن هنا كانت هذه الليلة ومازالت ليلة مباركة وعظيمة الشأن ، وقد عظم النبي صلى الله عليه وسلم شأنها ، لذا يستحب صيام نهارها وقيام ليلها والدعاء فيها .... وقال رسول الله [[ إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن ]]
يحرص الصالحون على قيام ليلها وصيام نهارها ، فتحويل القبلة من الاقصى الى المسجد الحرام هو حدث عظيم في تاريخ الأمة الأسلامية، حيث كان تحويل القبلة في البدء من الكعبة الى المسجد الاقصى لحكمة تربوية وهي العمل على تقوية أيمان المؤمنين وتنقية النفوس من شوائب الجاهلية لقول الله تعالى : {{ وماجعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه }}
فقد كان العرب قبل الاسلام يعظمون البيت الحرام ويمجدونه ، ولأن هدف الاسلام هو تعبيد الناس لله وتنقية القلوب وتجريدها من التعلق بغير الله وحثها على أتباع المنهج الاسلامي المرتبط بالله مباشرة ، لذا فقد اختار التوجه الى المسجد الاقصى ليخلص نفوسهم من الجاهلية ، ليظهر من يتبع الرسول اتابعا صادقا عن أقتناع وتسليم ممن ينقلب على عقبيه ويتعلق قلبه بدعاوي الجاهلية ورواسبها
وبعد استتب الامر لدولة المسلمين في المدينة صدر الامر الإلهي بالاتجاه الى المسجد الحرام ليس تقليلا ولا تنزيلا من شأن الأقصى ، ولكنه ربط قلوب المسلمين بحقيقة اخرى هي حقيقة الأسلام حيث رفع سيدنا أبراهيم وسيدنا اسماعيل عليهما السلام قواعد هذا البيت العتيق ليكون خالصا لله وليكون قبلة للاسلام والمسلمين وليؤكد أن دين الانبياء جميعا هوالإسلام، وتحويل القبلة من الأقصى الى المسجد الحرام ألا تأكيدا للرابطة الوثيقة بين المسجدين.....
فاذا كانت رحلة الاسراء من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى قد قطع فيها مسافة زمانية قصر الزمان أوطال ، فقد كان تحويل القبلة من الاقصى الى الحرام رحلة تعبدية الغرض منها التوجه الى الله تعالى دون قطع مسافات إذ لا مسافات بين الخالق والمخلوق ، فعندما يتجه الأنسان من المسجد الأقصى الى المسجد الحرام فهو بذلك يعود الى أصل القبلة... حين يقول الله تعالى : [[ أن أول بيت وضع للناس الذي ببكة مباركا وهدى للعالمين]] وهنا نرى الدائرة كيف بدأت بآدم مرورا بأبراهيم حتى عيسى عليه السلام ولكنها لم تتم أو تكتمل إلا بالرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم.فقد تحقق على يديه الكمال
أن الله تعالى كرم نبيه صلى الله عليه وسلم في ليلة النصف من شعبان بأن طيب خاطره طيب خاطره بتحويل القبلة والاستجابة لهوى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى {{ قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ماكنتم فولوا وجوهكم شطره}}... فالأمر من هذا كله إلا انتقال من الحسن الى الأحسن وهذا شأن رسول الله في الأمور كلها وجاء تحويل القبلة من الاقصى الى المسجد الحرام لتقر عين الرسول صلى الله عليه وسلم فقلبه معلق بمكه يمتلئ شوقا وحنينا اليها، إذ هي احب البلاد اليه وقد اضطروه قومه على الخروج والهجرة الى المدينة المنورة والتي شرفت بمقامه الشريف فخرج من بين ظهرانيهم ووقف على مشارف مكة قائلا : ( والله أنك لخير أرض الله واحب الأرض الى الله ولولا انني أخرجت منك ماخرجت) وبعد أن أستقر في المدينة المنورة، ظل متعلقا بمكة المكرمة فارضاه الله عز وجل بأن جعل القبلة الى البيت الحرام ، فكانت الإقامة بالمدينة والتوجه الى مكة في كل صلاة ليرتبط عميق الايمان بحب الوطن فهل نصغي لهذه المعاني في حب اوطاننا اليوم
أن فضل ليلة النصف من شعبان ومايستحب فيها هو التقرب الى الله سبحانه وتعالى...فأنا ماجاء عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى عليه وسلم ( أتاني جبريل عليه السلام فقال هذه ليلة النصف من شهر شعبان ولله فيها عتقاء من النار بعدد شعور غنم بني كلب لاينظر فيها الى مشرك ولا الى مشاحن ، ولا الى قاطع رحم، ولا الى مسبل ، ولا الى عاق لوالديه ولا الى مدمن خمر ) قالت : فسجدا ليلا طويلا وسمعته يقول في سجوده ( أعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك جل وجهك لااحصى ثناء عليك انت كما أثنيت علي نفسك )
وقالت عائشة رضي الله عنها، فلما اصبح ذكرتهن له: فقال: ياعائشة تعلمتهن؟ فقلت نعم ، فقال: ياعائشة تعلميهن وعلميهن فأن جبريل علمني هن وأمرني أن أرددهم في السجود....
وفي الختام علينا أن نتعرض لنفحات الله في الايام المباركة ومنها ليلة النصف من شعبان، علينا أن نتقرب الى الله تعالى والتوبة والدعاء ولاتجرنا تلك الزوبعة التي يفتعلها البعض حول هذه الليلة وليت اللذين يحاولون تشكيك الناس في فضلها يستوثقون من الاحاديث الصحيحة والحسنة الواردة بشأنها....ليلة مباركة...ليلة مغفرة وان ندعوا الله فيها أن ينصر أخواننا المظلومين في غزة هاشم وكل فلسطين العربية على مجرمي العصر الجدد قتلة الاطفال والنساء والسكان الآمنين الكيان الصهيوني اليهودي المحتل لفلسطين وأقصاها الشريف وأن تزلزل الارض من تحت اقدام هذا العدو الغاشم وأن يرفع عنا البلاء والوباء والفتنة والحرب في بلادنا الحبيبة اليمن الجريحة وأن يحفظ كل بلاد العرب والمسلمين في هذه الليلة المباركة وغيرها من الايام والليالي الكريمة....