اليوم سأروي لكم قصة العم قرقور والعم نزيه الخيالية والتي كان جدي رحمه الله يقصها علينا صغاراً عند دكانه الصغير في أحد أزقة مكة ..
العم قرقور والعم نزيه كانا يمتلكان محلان في القرية يشاركهما فيها ٤ آخرين وكانا يسافران الى عدة قرى مجاورة لجلب الزبائن فيجلب كل منهما زبائنه بطريقته الخاصة ، فالعم قرقور كان دائماً مايجلب زبائن اكثر من العم نزيه وسط إستغراب الجميع وكان يلاقي بسبب ذلك إستحسان شركائه ويتباهون بعدد زبائنهم ، بعكس العم نزيه الذي يجلب عدد اقل من الزبائن وسط سخط شركائه ، وفي آخر الموسم عند توزيع الأرباح تحول الحال واصبح العكس تماماً فأصبح الفرح يعم شركاء العم نزيه والغضب يعم شركاء العم قرقور ، والسبب في ذلك ان العم قرقور والعم نزيه كانا يكسبان من كل زبون دينارين فالعم قرقور كان يعطي للزبون دينار كامل لأنه حضر إليه دون علم شركاؤه ويقسم الدينار الآخر بينه وبين الشركاء .. بينما كان العم نزيه يقسم الدينارين كاملة بينه وبين شركائه فقط..بالتالي حصل شركاء العم نزيه على حقوقهم كاملة ومرتفعة بعكس شركاء العم قرقور فقد قاسمهم الزبائن في رزقهم.. رغم قلة عدد زبائن العم نزيه..
إن الإلتزام الديني والقيّمي والأخلاقي بالإضافة إلى المبادئ هيا كلمات يسمع عنها البعض ويرددها دون أي معرفة حتى بأبسط معانيها ( مجرد جعجعه ) من أجل الشوو والمظهر العام وعند اول المواقف يتجردون منها تماماً.. بينما يرددها آخرون ملتزمين بها التزاماً كلياً في جميع مواقفهم وتكون هيا المحرّك الأساسي لكافة قراراتهم و سياساتهم وتعاقداتهم وتوجهاتهم مهما بلغت خسائرهم خاصة وإن كانوا اصحاب مناصب عليّا في مؤسسات أو شركات مدنية وأصحاب قرار ، وبذلك نستثني جميع الجهات الحكومية من هذا المقال لأنها تُدار وفق الأنظمة والتشريعات والقوانين الحكومية من الحكومات ولا مجال فيها للإجتهاد..
ففي جميع المؤسسات والشركات المدنية بجميع أنحاء العالم سنجد نوعين من الرؤساء والمدراء التنفيذيين أو حتى الأعضاء المنتدبين منهم من سيكون العم قرقور ومنهم من سيكون العم نزيه..
فالنوع الاول منهم من يقودون القرارات وفق مبادئ وقيم دينية اولاً تحكمها مخافة الله تظهر في الإلتزام بأحكامه الدينية المذكورة في القرآن الكريم والاحاديث النبوية المشرعة للتعاقدات وغيرها من الأمور المتعلقة بالمنشأة ثم مخافة الله في حقوق مساهمي المنشأة ثم الإلتزام بالقوانين والأنظمة الحكومية العامة مهما وجدوا من ثغرات قانونية تتيح لهم التلاعب وهذا يندرج تحت الواجب الوطني مثل العم نزيه في القصة الخيالية..
أما النوع الثاني فهم امثال العم قرقور تقودهم مصالحهم الشخصية وتحقيق الأرباح ضاربين بالمبادئ والقيم والأخلاقيات الدينية التي يتشدقون بها في كل محفل ولقاء إعلامي او لقاء بالمساهمين عرض الحائط في سبيل الحصول على أرقام ، حتى وإن طال ذلك التفريط بلقمة المساهم البسيط وإعطائها لمن لاحق له فيها ، بل منهم من يذهب الى تجاوز الأنظمة والقوانين ايضاً فور العثور على ثغرة قانونية تتيح لهم ذلك وتعطي مخالفتهم الغطاء القانوني..
فأمثال العم نزيه تأكد عزيزي القارئ أن الله سينصرهم حتى وإن فرّطوا بالأرقام و وظهروا أمام مساهمي شركاتهم بأنهم لم يجيّدوا وتم محاربتهم فقد أختاروا الطريق الصواب ، طريق الله ، طريق الحق ، وتخلّوا عن أمور كثيرة في سبيل ذلك..
أما النوع الثاني امثال العم قرقور فمهما طال تباهيهم بنجاحاتهم وأرقامهم وتصفيق البعض لهم وجعلهم مضرب مثَّل من مساهمي الشركات الأخرى إتجاه رؤسائهم ، لكن تأكد عزيزي القارئ بأنه لن يفلّت من عقوبة البارئ عز وجل و القانون ايضاً سيحاسبه على كل تجاوز ولو بعد حين..
فأحذر عزيزي الرئيس او التنفيذي او المنتدب بأن تكون العم قرقور وأحرص على ان تكون العم نزيه..
وهنا يجدر بنا الإشارة إلى فئة اخرى تعيش على هامش أمثال العم قرقور وتقتات منه وهم المطبلين وهم فئة متواجدة حتماً بيننا يظهرون في الرخاء ويقفزون من السفينة فور الغرّق.. فعند غرّق العم قرقور لن يجد اي من هذه الفئة ليزوره حتى لو ( بعيش وحلاوة )..
قفله :-
- اي تشابه أسماء بالواقع هوا محض الصدفة..
- كله تحت المجهر..