لقد أظلنا شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر العتق والغفران، شهر الصدقات والإحسان، الشهر الذي تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، وتقال فيه العثرات، شهر تجاب فيه الدعوات، وترفع فيه الدرجات، وتغفر فيه السيئات يستقبل بالآتى :-
أولاً :- باخلاص الصيام لله ، والإخلاص هو تصفية العمل عن جميع الشوائب قال الله -تعالى-: ( أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ) بان تجعل الصيام لله ترجو الثواب منه جل وعلا وتنقيته من الشرك الاكبر و من الريا و النفاق و طلب الشهرة أو اى أمر من أمور الدنيا.
والإخلاص شرط من شروط قبول الأعمال عند الله، قال تعالى ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملًا صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ رواه البخاري (38)، ومسلم (760).
دل هذا الحديث أن إخلاص العمل واحتساب الأجر من الله سببا ً للفوز بالاجر والثواب.
وقال الإمام البغوي: قوله: "احتسابًا"؛ أي: طلباً لوجه الله تعالى وثوابه».
ثانياً : الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو ركن من اركان قبول العمل قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) سورة الأحزاب الآية 21.
عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً ليسَ عليه أمرُنا هذا فهو رَدٌّ" فلّا يعبد الله إلا بما شرع حيث أن كل عمل لم يشرعه مردود على صاحبه، فالعبادات توقيفية، فليس لأحد أن يشرع فيها ولا يشرع منها إلا ما شرع الله ورسوله، فالواجب تعلم احكام الصيام والعمل بها كما شرع الله لنا وبينه الرسول صلى الله عليه وسلم .
ثالثًا : التهنئة بدخول الشهر.
فإن الفرح بقدوم شهر رمضان المبارك وتهنئة الناس بذلك مِن الإيمان الذي يرجو به صاحبه النجاح والفلاح في الدارين.
قال الله تعالى : { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون }
وقد كان النبي ﷺ يُبشِّر أصحابه بقدوم الشهر المبارك فيقول لهم :
"أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حُرم خيرها فقد حرم" [ صحيح سنن النسائي (2106) ]
وقال العلامة ابن سعدي رحمه الله : وإنما أمر الله تعالى بالفرح بفضله ورحمته : لأن ذلك مما يُوجب انبساط النفس ونشاطها ، وشكرها لله تعالى ، وقوَّتها ، وشدة الرغبة في العلم والإيمان الداعي للازدياد منهما.
وهذا فرح محمود ؛ بخلاف الفرح بشهوات الدنيا ولذاتها ، أو الفرح بالباطل ؛ فإن هذا مذموم . [ تيسير الكريم الرحمن (366) ]
رابعاً :الفرح والسرور بدخوله.
قال الشيخ ابن باز الفتاوى٩/١٥ ( ولا أعلم شيئا معينا لاستقبال رمضان سوى أن يستقبله المسلم بالفرح والسرور والاغتباط وشكر الله أن بلَّغه رمضان )
وكيف لا يفرح المؤمن بفتح أبواب الجنان ؟ كيف لا يُفرح بغلق أبواب النيران ؟ كيف لا يفرح بوقت يُغَل فيه الشياطين ؟
خامساً : سلامة الصدر.
سُئل ابن مسعود كيف كنتم تستقبلون رمضان ؟ قال : ماكان أحدنا يجرؤ على استقبال هلال رمضان وفي قلبه ذرة حقد على أخيه المسلم.
سادساً : التوبة من جميع الذنوب و المعاصى ، والعزم على صيامه وتدعو الله بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ( رب اغفر لي وتب علي ، إنك انت التواب الرحيم )
سابعًا : الدعاء عند دخول الشهر ، وهذا ممّا نغفلُ عنه عند رؤية هلال شهر رمضان، فلا نطبق تلك السنة بقول دعاء رؤية الهلال :
عَنْ طَلْحَةَ بنِ عُبْيدِ اللَّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ إِذا رَأَى الهِلالَ قَالَ: اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ علَيْنَا بِالأَمْنِ والإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ والإِسْلامِ، رَبِّي ورَبُّكَ اللَّه، هِلالُ رُشْدٍ وخَيْرٍ رواه الترمذي، وقال: حديثٌ حسنٌ.
ثامناً : حفظ الجوارح ، اللسان واليد و الرجل والعين و الفرج والبطن عن الحرام اولاً ثم المعاصى و المنكرات قال تعالى ( إنّ السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه". رواه البخاري وأبو داود.
اللهم وفقنا لصيام رمضان وقيامه وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.