إن الله تبارك تعالى قد دعا إلى التدبر والتأمل في كتابه وشرع عند قراءة القران فقال تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن)[النساء:82] وقوله تعالى ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ).
عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: قمت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فقام فقرأ سورة البقرة ، لا يمر بآية رحمة إلا وقف وسأل ، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف وتعوذ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "من أصغى إلى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم بعقله وتدبره بقلبه وجد فيه من الفهم والحلاوة والهدى وشفاء القلوب والبركة والمنفعة ما لا يجده في شيء من الكلام، لا منظومه ولا منثوره" (اقتضاء الصراط المستقيم ص: 384).
قال ابن القيم: "فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده، وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن، وإطالة التأمل فيه ، وجمع الفكر في معاني آياته". (مدارج السالكين ج: 1، ص: 475).
تفصيلٌ لأهمِّ سبل تدبُّر القرآن العظيم:
❶- ويستحب أن يرتل قراءته ويحسن صوته قال صلى الله عليه وسلم (( زينوا أصواتكم بالقرآن )) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله : ليس منا من لم يتغن بالقرآن وزاد غيره يجهر به رواه البخاري .
وصف ابن القيم هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن في ( زاد المعاد ) : كان له صلى الله عليه وسلم حزب يقرأه ، ولايخل به، وكانت قراءته ترتيلا لا هذّا ولا عجلة ، بل قراءة مفسرة حرفا حرفا، وكان يُقطِّع قراءته آية آية ، وكان يمد عند حروف المد .
❷- لا يهذ القارئ القرآن هذاً ، فلا يفهم عنه ما يقول، ولا يمده مداً يخل بألفاظه فيخرجه عن المقصود من تلاوته، بل وسطاً بين ذلك. قال تعالى ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا )
❸ من أسباب التدبر ألا يجهر شخصٌ على غيره بالقراءة، قال ﷺ: ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن.
❹ سؤال الله من رحمته عند المرور بآيات الرحمة والتعوذ من عذابه عند المرور بآيات العذاب.
عن عوف بن مالك الأشجعي قال : قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقام فقرأ سورة البقرة لا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ ، رواه أحمد وأبو داود والنسائي .
❺ قيام الليل قال تعالى: ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ﴾ [المزمل: 6]. عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: «وقولُه: ﴿ وَأَقْوَمُ قِيلًا ﴾: هُوَ أَجْدَرُ أَنْ يَفْقَهَ في القُرآنِ» «لأنَّ قيام اللَّيل أصوبُ قراءة، وأصحُّ قولاً من النَّهار؛ لسكوت الأصوات في اللَّيل، فيتدبَّر في معاني القرآن».
❻ الاستماع والإنصات إلى قراءة غيره وعدم الإنشغال عنها لقوله سبحانه وتعالى : ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ (الأعراف 204).
ويقول الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله في تفسيره: إن هذه الآية عامة في كل مَن سمِع كتابَ الله يُتلى، فإنه مأمور بالاستماع له والإنصات، والفرق بين الاستماع والإنصات أن الإنصات في الظاهر بترك التحدث، أو الاشتغال بما يشغل عن الاستماع.
وأما الاستماع له، فهو أن يُلقي سمعه وقلبَه، ويتدبر ما يستمع، فإن مَن لازم على هذين الأمرين حين يُتلى كتاب الله، فإنه ينال خيرًا كثيرًا، وعلمًا غزيرًا، وإيمانًا مستمرًا متجددًا، وهدى متزايدًا، وبصيرة في دينه، ولهذا رتب الله حصولَ الرحمة عليهما، فدلَّ ذلك على أن من تُلي عليه كتاب الله، فلم يستمع له ولم يُنصت، أنه محروم الحظ من الرحمة، قد فاته خيرٌ كثير[2].
❼ - تحريك اللسان و الشفتين عند قراءة القرآن فلا يحصل أجر القراءة إلا إذا نطق بالقرآن ولانطق إلا بتحريك الشفتين واللسان وأما من ينظر إلى الأسطر والحروف بعينه ويتابع بقلبه، فإن هذا ليس بقارئ ولاينبغي للإنسان أن يُعود نفسه هذا، لأنه إذا اعتاد ذلك صارت قراءته كلها على هذا الوجه فيحرم من الخير الكثير من فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
❽- الرجوع لكتب التفسير لفهم معاني الآيات.
❾-الدعاء عند ختم القرآن في أن يجعل الله القرآن ربيع قلبك كما ورد عن السلف في ذلك.
❶ ❶ لا يجوز قراءة القرآن بالألحان وجعلها كأالاغاني
❷ ❶ إعادة وتكرار التلاوة مرة بعد أخرى.
❍ نسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن الكريم و خاصته