هذا ما تشير إليه المتغيرات المتسارعة غير المتوقعة للأحداث في غزة، تلك البقعة المتناهية في الصغر، التي لم يشهد التاريخ تفاوضا سياسيا بين حلف دولي ( محرر ) وفصيل قومي ( محاصر ) كما يحصل الآن بين المقاومة وتحالف الكيان.
مفاوضات عنوانها ( لا استسلام ) ونتيجتها ( لا سلام ) بسبب تقديم وتغليب الأهداف السياسية على المصالح الاجتماعية والاقتصادية، فقيادة المقاومة تعتقد أن وقف الحرب وإدخال المساعدات أولوية قصوى لتعزيز تمركزها، وقيادة الكيان تعتقد أن تسليم الأسرى وحصار غزة أولوية قصوى لتعزيز استمرارها.
تلك هي السياسة بمعناها الواضح الصريح، في ظل السقوط المريع لمؤسسات "القضاء الدولي" التي فقدت صفاتها وتهمش قضاتها وافتضحت قدراتها العاجزة عن تنفيذ أو فرض أي إجراء حقيقي على أرض الواقع.
الكيان المحتل بواقعه السياسي الحالي لم يعد يخدم مصالح حلفائه بل أصبحت عبئا ثقيلا عليهم، فلا هو بالقادر على إنهاء الحرب مبكرا بالقضاء على المقاومة، ولا بالقادر على تحمل تبعات استمرارها الاجتماعية والاقتصادية في الداخل والخارج، والسبب أن مفاجآت الحرب تسير وترتفع بوتيرة تفوق المخططات والتوقعات المعتادة.
لا سلام إلا باستسلام أحد القيادتين لضغوط الداخل الاجتماعية والاقتصادية، وذلك إما بوقف الكيان للحرب استجابة لمطالبات ونداءات استعادة الأسرى، أو تسليم المقاومة الأسرى استجابة لمطالبات ونداءات دخول المساعدات، وكلاهما خلاف الأهداف السياسية المعلنة والخفية للقيادتين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مستشار قانوني