حينما قال فلاسفة الإغريق قبل الميلاد إن لكل بداية نهاية ولكل بسمة دمعة ، لم تكن كلماتهم مجرد أحرف أو جمل إنشائية أرادوا من خلالها أن يسطروا فلسفة تشير إلى براعتهم ، لكنهم رسموا بمقولتهم هذه واقعا ينبعث من داخل كينونة الإنسان الذي تكون ولادته بداية لحياته الدنيا وتأتي وفاته لتمثل نهايته .
وبين البداية والنهاية اسرار ومواقف يعيشها الأنسان توضح له حقيقة لابسوا الأقنعة ومزوري الحقائق ، سواء كان تزويرهم في الأعمال التي يقومون بها ، أو في المؤهلات التي يحملونها .
ولأن موضوعي عن أصحاب المؤهلات المزورة فأقول إنني لم أكن الأول ، ولن أكون الأخير في الحديث عن أصحاب الشهادات المزورة حتى وإن تحدثت عنهم من قبل ، فقد تحدث عنهم أساتذة أفاضل وفصل تحايلهم الدكتور موافق الرويلي صاحب وسم "هلكوني" المتخصص في كشف أصحاب الشهادات الوهمية ، إذا قال في حوار صحفي له قبل نحو اربع سنوات إن هدف البعض منهم " الحصول على الدرجات العلمية العليا كالماجستير أو الدكتوراه مجرد التفاخر " ، " وليس مجرد الحصول على شهادة وهمية " .
وهو ما يعني أن حامل مثل هذا المؤهل ، يتحدث بلغة حامل دكتوراه وهو يجلها ، كذاك الذي يحمل الدكتوراه في الأدب العربي ، وحينما سالته عن صاحب مقولة : " أنا رجل من بني كنانة، وللخلافة قرابة، ولي فيها شفعة، وهم بعد جنس وعصبة " ، قال إنه " البحتري من شعراء العصر الجاهلي " !!
ومثل هؤلاء تفضحهم المواقف ، وكما فضحهم الدكتور موافق الرويلي صاحب وسم "هلكوني" ، فقد فضحتهم مجلة نيوسبوكسمان ريفيو New Spokesman Review حينما نشرت قبل سنوات أسماء عشرة آلاف شخص حصلوا على شهادات دكتوراه مزورة من بينهم 180 خليجياً منهم 69 سعوديا فقد تساعد مثل هذه الخطوة في الحد من المؤهلات المزورة .
وفي زاويته اليومية ( نثار) بجريدة الرياض بعددها الصادر يوم 4 جمادى الأولى 1430هــ ، تحدث الأستاذ / عابد خزندار ـ يرحمه الله ـ تحت عنوان (أصحاب الشهادات المزورة يفتضحون) عن ظاهرة الشهادات المزورة وطالب " الجهات المختصة بملاحقة وفصل أصحاب الشهادات المزورة من المناصب التي تولوها سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص " .
وكلمات الأستاذ عابد جاءت نتيجة لما أثاره عضو في مجلس الشورى من تساؤلات حول قيام الحكومة الأميركية بتسليم الحكومة قائمة تضم أسماء مواطنين سبق لهم الحصول على شهادات عليا مزورة من داخل الولايات المتحدة .
ولحماية المجتمع من أصحاب المؤهلات المزورة ، أصدرت الدولة ـ أيدها الله ـ نظام مكافحة التزوير ، الذي أوضحت المادة الخامسة منه أن " كل موظف ارتكب أثناء وظيفته تزويرا بصنع صك أو أي مخطوط لا أصل له، أو محرف من الأصل عن قصد أو بتوقيعه إمضاء أو خاتما أو بصمة أصبح مزورا أو أتلف صكا رسميا أو أوراقا لها قوة الثبوت سواء كان الإتلاف كليا أو جزئيا، أو زور شهادة دراسية أو شهادة خدمة حكومية أو أهلية، أو أساء التوقيع على بياض أو اوتمن عليه أو بإثباته وقائع وأقوال كافية على أنها وقائع صحيحة وأقوال معترف بها. أو بتدوينه بيانات وأقوال غير التي صدرت عن أصحابها، أو بتغيير أو تحريف الأوراق الرسمية والسجلات والمستندات بالحك أو الشطب أو بزيادة كلمات او حذفها واهمالها قصدا او بتغيير الأسماء المدونه فى الأوراق الرسمية والسجلات ووضع أسماء غير صحيحة أو غير حقيقة بدلا عنها، أو بتغيير الأرقام في الأوراق والسجلات ووضع أسماء غير صحيحة أو غير حقيقة بدلا عنها، أو بتغيير الأرقام في الأوراق والسجلات الرسمية بالإضافة أو الحذف أو التحريف عوقب بالسجن من سنة إلى خمس سنوات ".
وكما رفضت الهيئة السعودية للمراجعين والمحاسبين ، منح العضوية لعدد من المتقدمين لعضويتها ممَّن يحملون مؤهلات علمية مزورة ، وأحالتهم للنيابة العامة بحكم الاختصاص ، فعلينا أن نسعى للإبلاغ عن حاملي المؤهلات العلمية فوجودهم يمثل داء يصيب المجتمع .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصل
ashalabi1380@
ahmad.s.a@hotmail.com