كنا ونحن صغار فى السن ومنذ ما يقارب خمسة وستون عاما مضت ،نفرح ونبتهج عند قيام مناسبة زواج داخل حينا (حوش المرزوقي )فى المدينه المنوره
ونشارك قدر استطاعتنا بتلبية طلبات اهالينا وجيراننا بكل سعادة ونشاط وعلى قدر إمكانيتنا،
وقبل يوم الاحتفال بمناسبة الزواج (العرس) بعدة أيام نتابع ونشارك بإستقبال ما كان يسمى بالرِفد (عينيه . قُود)من الاهالي والجيران اصحاب العريس واقربائه ومعارفه داخل عائلته وخارجها ، وعند وصول حامل (الرفد) يطرق باب المنزل ويستقبله من كان داخل المنزل من الكبار لإستلام (الرفد)المرسل مع العامل وبورقة مكتوب فيها اسم المُرسِل والمُرسَل اليه وكل مشارك فى واجب الرفد يقدم قدر استطاعته ورغبته
والرفود فى العاده فى ذلك الزمن الجميل تتكون من:
كيس رز ابوبنت او ابوسيوف او(البكا)
وتنكة سمن ماركة شوكه وملعقه او انواع اخرى متوفره فى الاسواق
كيس سكر /خشن /ناعم
كيس دقيق ابيض
صندوق شاهي ابو جبل او من الانواع الاخرى المتوفره فى الاسواق
خاروف نجدي او حري او المتوفر فى حلقة المواشي
جميع ما ذكر يعتبر اساسي فى الرفود تُّسَلم لوالد العريس او من ينوب عنه من اسرته وقد تم تخصيص احدهم للقيام بواجب استقبال الرفود وتسجيلها فى دفتر خاص لمعرفة من قام بواجب الرفد ليتم رفده فى مناسبات تخصه كما فعل دون شروط وحسب الإمكانيات الماديه لكل مساهم بالرفد ،،
وبعد انتهاء المناسبه وتزيد بعض الرفود عن حاجة اصحاب المناسبه يتم توزيعها على من اختارهم والد العريس سواء من داخل الحي او خارجه فيتم ارسال مواد غذائيه اليهم وللمحتاجين خاصة الارامل والايتام ،،
وبخصوص الخراف التى تم شرائها من قبل والد العريس وفاضت عن الحاجه لذبحها فيتم اعادتها الى البائع حسب الاتفاق معه مسبقا ،
وبسبب الرفود من الخراف يتم ذبحها وطبخها فى البدايه ومن بعدها تذبح من الخراف المشتراة عمليه مرتبه ومنظمه ماببن الطباخ وأصحاب المناسبه ،
وهذه الامور تنطبق على جميع مناسبات الزواج داخل المدينه المنوره فى تلك الحقبة الزمنيه السعيده من حياتنا ،،
القناعه والمحبه والإيثار بالنفس والتكافل الإجتماعي عنوان لجميع ما تم ذكره بخصوص
الإحتفال بمناسبات الزواج .السعاده شامله من الكل للكل كبار وصغار نساء ورجال واطفال ،
خلاف المساهمات فى توفير موقع الاحتفال داخل الحي وبالمفارش والاواني واخلاء احد البيوت الكبيره فى الحي لتهيئته للنساء خاصة قاعة المنزل الكبيره فى العاده والاستفاده من بعض الغرف القريبه وفى الدور الارضي مع وضع حاجز من القماش
يفصل مابين الرجال والنساء لإتاحة حرية الحركه للقيام بواجب المناسبه الكبرى ،
كما يتم تخصيص احد الغرف ذات المساحه الواسعه والقريبه من الطباخ لترتيب توزيع صحون -التطلي والإلماسيه التى يقوم بإعدادها الطباخ ومساعديه اضافة الى (البف والسمبوسه وحلوى الطرمبه )
والزلابية التى عادة تجهز صباح اليوم التالي من حفل الزواج ليفطر بها العرسان واهاليهم وبعض من المدعوين والمدعوات من اصدقاء العائلتين
وفى فترة ما بعد الظهر يقدم ما تم اعداده من انواع الرز البخاري باللحم الحري او انواع اخرى من الرز حسب رغبة اهل العريس
وتكون السفره مجهزه بالتالي
صحون الرز البخاري
سلطه مكونه من القثاء والبقدونس
والخل الاسمر
حلاوة (الطرمبه)
صحون البف او السمبوسه
صحون حلى على شكل (جلي)كنا نسميها (الماسيه) ذات اللون الاحمر او البرتقالي مضاف لها السكر
ونوع آخر نسميه
(تَطْلِي ) مكون من الحليب والكاسترد وبعض المنكهات تسمى روح الموز
مع اضافة السكر للخليط يتم توزيعها على الصحون الخاصه بها وتوضع فى موقع بعيد عن الحشرات والقطط والاطفال. حتى تتم تماسكها وتكون جاهزه للاكل
ومن المعروف ان من ساعد فى اعداد وتجهيز حفل الزواج من الاصدقاء والاقارب يتم ارسال مجموعه من الاطعمه المذكوره اليهم من باب الشكر والامتنان لمساعدتهم فيُرسَل على سبيل المثال الى منزل ابو علي التالى
صحن رز بخاري باللحمه
حبتين حلى الطرمبه (بلح الشام)
حبتين سمبوسه او بف
صحن سلطه
صحن الماسيه او تَطْلِي
ومن المعروف ان بعض الرفود تكون ماديه تُدفَع لوالد العريس او العريس في ظروف ورقيه يتقبلونها وهم شاكرين بمنتهى القناعه والسرور والبعض يقدم رفد عيني ومادي حسب الإمكانيه
هذه صور مختصر عن المجتمع المدينى لمناسباته السعيده ومشاركة الجميع فى تكافل اجتماعي انسانى راقي وسعاده تغمر الجميع لان الشعور وكأن حفل الزواج يخص كل واحد من الحضور وليس لإبن الجيران فقط ،،
رحم الله من غادرنا الى جوار ربه ونسأله تعالى ان يتغمدهم برحمته ويسكنهم فسيح جناته ويطيل فى عمر من تبقى منهم ويختم لنا ولهم بصالح الاعمال