نحن الآن ومنذ ساعات النهار الأولى في أحضان محمية طبيعية وسط غابة كثيفة من الأشجار تحيط بها نهر جارٍ. هذا المكان البديع الذي أراه يفوق الوصف تتجلى فيه قدرة الخالق سبحانه وتعالى. نصبح على أنغام شقشقات العصافير وتسبيح الطيور، ثم يستمر الظل وارفا طوال النهار، ولا نرى من الشمس إلا ضوءها البسيط النافذ إلينا بنسبة ضئيلة جدًا بسبب كثافة الأشجار العملاقة. وفي المساء، تظهر لوحة جمالية أخرى حيث نسمع صوت "صرير" الحشرات. وفي تالي الليل وقبل منتصفه، نرى أعين الثعالب التي تحوم حولنا باحثة عن طعامها الموجود بوفرة بين نفاياتنا التي تجمعت طوال النهار.
في هذا المكان البديع نمارس حياة الخلاء بامتياز في موقع مخيمنا "مخيم السلام الكشفي الدولي" المقام هنا في محمية رودني ذات الطبيعة الخلابة، والتي تقام تحت إشراف اتحادنا العتيد المتين "الاتحاد العالمي للكشاف المسلم".
الحياة في الطبيعة، - يا سادة يا كرام - تجلب إلى الأذهان صورًا من السلام والهدوء والجمال الطبيعي ،. بعيدًا عن ضوضاء المدينة وضغوط الحياة اليومية، تقدم الطبيعة للإنسان ملاذًا يمكن أن يعيد فيه شحن طاقته ويستعيد حيويته. العيش في الغابة، على وجه الخصوص، يعزز من هذا الشعور ويمنح الشخص تجربة فريدة من نوعها.
نحن هنا في "محمية رودني" في مخيم السلام الدولي نعيش هدوءًا نفسيًا عجيبًا لأن البيئة هنا تمتاز بالهدوء والسكون، مما يساعد على تخفيف التوتر والقلق. الجلوس بالقرب من مجرى مياه أو تحت شجرة وارفة الظلال يمكن أن يكون له تأثير مهدئ على العقل والجسد. وهذا هو حالنا الآن في مخيم السلام الكشفي العالمي؛ فتواجدنا هنا يعني الهواء النقي والنشاط البدني المتزايد. برنامج المخيم يشمل المشي في الغابة، والسباحة في البحيرات، وكلها أنشطة تساعد على تعزيز الصحة البدنية وتحسين اللياقة. وأنا أشهد أن الحياة في الغابة تعزز من فهم الإنسان للبيئة وتزيد من تقديره للطبيعة، والبقاء لبعض الوقت هنا يقودنا إلى احترام أكبر للعالم الطبيعي ومحاولة المحافظة عليه.
فلاش :
مع كل ما ذكرناه من جماليات هذه البيئة وفوائدها، هناك تحديات تواجهنا في اليوم والليلة ويواجهها كل من يختار العيش في الغابة. البنية التحتية بعيدة عن وسائل الراحة الحديثة مثل الكهرباء، وهذا جعلنا نتكيف معها بسرعة وسهولة. لم ننسَ أيضًا أن هذا المكان مأوى للعديد من الحيوانات البرية والحشرات. عوضًا عن ذلك، نحن نعيش العزلة الإيجابية التي تعد مصدرًا للراحة، لان التخطيط المسبق قبل حضورنا إلى هذا المكان الأنيق ساعدنا على التكيف بسرعة وسهولة ، الحياة في أحضان الطبيعة والعيش في الغابة تجربة فريدة تجمع بين الراحة النفسية والصحة الجسدية، مع وجود بعض التحديات. التوازن بين الاستمتاع بالطبيعة والتكيف مع التحديات يمكن أن يجعل هذه التجربة غنية ومجزية، وهذا ما تحقق لنا في محمية "رودني الطبيعة" المعلم الأكبر، واللوحة الطبيعية الاضخم ن والعيش في قلبها يمكن أن يكون درسًا في الحياة والجمال والتواضع.
نشكر الاتحاد العالمي للكشاف المسلم، والكشافة الأمريكية، وزملاءنا القادة: "زحزوحي"، و"مهادي"، و"علوي"، و"الفقيه"، و"عبدالرشيد"، وكل طاقم العمل وفي مقدمتهم صاحب القلب الكبير الدكتور زهير غنيم. هذا علمي وسلامتكم.
التعليقات 1
1 pings
أحمد السعيــــد
28/07/2024 في 8:06 م[3] رابط التعليق
إستمتعت بهذا الوصف الرائع لمخيم رودني وتلك الغابة الجميلة التي تضفي على مرتاديها هذا السلام النفسي
العجيب
وأنتظر من الأستاذ برناوي شرحا مفصلا لموقع مخيم رودني وكم يبعد عن مطار واشنطن DC وطرق المواصلات و مدى قربه من المدينة .
تحياتي والسلام