في احتفالنا باليوم الوطني تعود بنا الذكريات لسنين مضت نتذكر فيها الكثير من المعاناة التي عاشها مواطنو الجزيرة العربية وقاصدو البيت الحرام وزوار مسجد رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم ، قبل توحيد الجزيرة على يد القائد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ يرحمه الله ـ ، فمن معاناة الطرق ووعورتها وغياب الأمن بها ، كانت هناك معاناة أخرى تتمثل في غياب الخدمات الأساسية للحجاج .
واليوم ونحن نسعد بالآمن والأمان ، والراحة والاطمئنان نرى ضيوف الرحمن قد أدوا ويؤدوا نسكهم بيسر وسهولة ، ومن سهولة أداء النسك توفر الطرق البرية الأمنة فبعد أن كانت طرق الحج منحصرة في " طريق الحج الشامي ، وطريق الحج العراقي ، وطريق الحج العماني ، وطريق الحج المصري ، وطريق الحج اليمني ، وطريق حج البحرين اليمامة ، وطريق سبع الملاف ، وطريق الحج البصري ، ودرب زبيدة " ، أصبحنا نرى اليوم أن هناك عشر طرق برية رئيسية " يسلكها حجاج الدول المجاورة، فشرقًا يستخدم حجاج دولة الكويت طريقين، الأول "الخفجي - النعيرية - الرياض - مكة المكرمة" بطول 1473 كيلومترًا، والثاني "الرقعي - حفر الباطن - المجمعة - مكة المكرمة" بطول 1277 كيلومترًا، ويستخدم حجاج دولة الإمارات العربية المتحدة طريق "البطحاء - سلوى - الهفوف - الرياض – الطائف - مكة المكرمة"، والذي يبلغ طوله 1514 كيلومترًا.
في حين يستخدم حجاج دولة قطر طريق "سلوى - الهفوف - الرياض – الطائف - مكة المكرمة" بطول 1385 كيلومترًا، أما بالنسبة لحجاج مملكة البحرين، فيعبرون جسر الملك فهد الذي يصلهم بالخبر ثم إلى الرياض ثم الاتجاه إلى مكة المكرمة مرورًا بالطائف، وتقدر المسافة الاجمالية للطرق بـ 1320 كم.
وفي الشمال يسلك حجاج المملكة الأردنية الهاشمية، طريقين: الأول يبدأ من طريق حالة عمار ثم تبوك ثم المدينة المنورة وصولًا إلى مكة المكرمة" بطول 1219 كيلومترًا، والثاني ينطلق من الحديثة فالقريات ثم سكاكا ثم مكة المكرمة مرورًا بالمدينة المنورة وتقدر المسافة الإجمالية للطرق بـ 1545 كم، في حين يسلك حجاج جمهورية العراق طريق "جديدة عرعر - عرعر - سكاكا - المدينة المنورة - مكة المكرمة" بطول 1579 كم.
وجنوبًا يسلك حجاج الجمهورية اليمنية، طريق "الوديعة - نجران - أبها - مكة المكرمة" بطول 1372 كم، أما حجاج سلطنة عُمان فيستخدمون طريق الربع الخالي "أم الزمول - البطحاء - سلوى - الهفوف - مكة المكرمة" بطول 2150 كم "
وفي الوقت الذي كانت الرحلة بين المدينة المنورة ومكة المكرمة تستغرق ما بين خمسة إلى سبعة أيام ، أصبحت اليوم تستغرق " بالسيارة الصغيرة 4 ساعات، وبالحافلة 6 ساعات، وبقطار الحرمين السريع تقلصت إلى ساعتين فقط ".
أما السفر من جدة إلى مكة المكرمة والذي كان في السباق يقطع في حوالي 20 ساعة ، أصبح اليوم يقطع بالسيارة الصغيرة في حوالي الساعة ، وبالقطار 46 دقيقة .
وتذكر المستشرقة الاسكتلندية ، الليدي افلين كوبولد ، في كتابها " الحج إلى مكة " ( ( Pilgrimage to Mecca، الذي أصدرته في لندن عام 1934 م ، بعد إسلامها وأدائها فريضة الحج عام 1933 م ، واستخدمت في تنقلاتها سيارة شفرولية ، أنّها قطعت المسافة بين جدة ومكة في غضون يوم كامل فيما تمكنت من الوصول إلى المدينة المنورة من جدة في نهاية اليوم الثالث ومنها انتقلت إلى مكة التي وصلتها خلال أربعة أيام وعدّت ذلك إنجازاً عظيماً ، تلك كانت طرق الحج والفترة الزمنية بين مدن المدينة المنورة ومكة المكرمة ، وجدة ومكة المكرمة .
ولم ينحصر الاهتمام بالطرق من خلال تعبيدها وتوفير الخدمات بها ، فقد تم تنفيذ مشروع لخفض درجة الحرارة عليها بالمشاعر المقدسة ، من خلال طلاء مخصص لخفض الحرارة وتقليصها بالطرق التي تتدفق من خلالها أفواج الحجيج.
وفي عام 2019 تم استحداث خافض للحرارة ما بين 15-20 درجة مئوية؛ ليتم قياس تلك الدرجات 6 مرات في الدقيقة من خلال حساسات تمت زراعتها في باطن الطبقة الاسفلتية المطلية .
وفي موسم الحج الماضي بدأت الهيئة العامة للطرق، بالتوسع في تنفيذ مبادرة تبريد الطرق في عدد من المواقع في المشاعر المقدسة ، لتحقيق الراحة التامة لضيوف الرحمن؛ حيث يتم تنفيذ طلاء لتبريد الطرق بمواد محلية الصنع بحيث لا يتم امتصاص كميات أكبر من الحرارة ، وستلامس البرودة خطوات ضيوف الرحمن على طرق المشاعر المقدسة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصل
ashalabi1380@
ahmad.s.a@hotmail.com