الفراق هو ذلك الألم العميق، كتوهج الشمس الذي يُبخر ذكريات القلب لترتفع نحو السماء، لترد عليها العيون بدموعها محاولةً إطفاء ذلك اللهيب. كم نتمنى أن تخمد تلك الذكريات للأبد، ولكنها تترك وراءها شرارة لا تنطفئ، تستمر في إشعال القلب لتعيده إلى نقطة البداية. الفراق هو الجرح الصامت الذي لا يُشفى، والقسوة التي لا تُحتمل.
ليس كل فراق يعني الغياب الجسدي، فهناك من يكون بجوارك ولكن بعيد عنك بكل معنى، مجرد جسد حاضر وروح غائبة، وهذا هو الفراق الذي يُمزق القلب كل ثانية.
كم نتمنى لو عاد الزمن وبقي اللقاء للأبد، ولكن مهما طال بنا العمر، يبقى الموت هو الأنين الذي لا يزول، وتظل الذكريات كقاموس نمر عليه كلما لمسنا وداعًا أو فراقًا. الموت هو البقاء الحقيقي، فهل للوداع مكان أم أنه مجرد رحلة بلا رجوع؟
في دعائنا للصبر على الفراق نقول: "اللهم يا سامع الصوت ويا رب السماوات السبع والأراضين، ارزقني الصبر والسلوان، وأنزل عليَّ من رحمتك، واجعلني وإياه من أهل الجنة يا رب العالمين. اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله، واجمعنا في جنات النعيم."
(تحيرني وتقول انسى …وأحس بخطوتي تقسى وفيني من الخجل كله ..)
هل أبكي وجعًا، أم أنام على أمل غدٍ أفضل؟ بكاء القلب أصعب من بكاء العين، وكثيرًا ما تبكي القلوب بينما العيون تبقى صامتة.
الصبر والثقة بالله يصنعان المعجزات.