بمجرد أن تستقبلك لوحة "حداد بني مالك" على الطريق السياحي، الرابط بين الباحة وميسان، يعني أنك ستدلف إلى واحة وطنية، ووجهة سياحية ماتعة ولوحات طبيعية، تفيض بالروعة، يطغى عليها اللون الأخضر على سفوح الجبال، وبطون الأودية، وتلفها النسائم البادرة.
حاصرتنا الدهشة، ونحن نجوب المركز المبلل بآثار موجات الأمطار الأخيرة، التي سقت مدرجات مزارع اللوز، والرمان، والعنب، والخوخ، والمشمش، والتين، في مناظر خلابة، وباسمة كصباح العيد، كانت كافية بأن تُحدث في دواخلنا الدهشة والمتعة على حد سواء.
هل ثمة تغير مناخي أم هي نتائج الاستمطار الذي تسبب في عودة الجمال للمدرجات والجبال والشعاب والأودية؟ أسئلة سبقني بها الزميل المصور، من شدة اكتساء أغلب الأمكنة اللون الأخضر.
لم يدر بخلدنا، أن ثمة مشاهدات ميدانية، أخرى ستكون أكثر جمالاً في انتظارنا، وهي مشاهد شلالات المياه التي تنساب بهدوء كهدوء حداد بني مالك، مثل شلالات كظايم وشلال القان بني بجيلة وشلال وادي عبال، وشلال وادي الكيد، وشلال كوكبة.
المقومات السياحية الطبيعية متوفرة، من تنوع جغرافي ونباتي، ومساحات، خضراء، وطرق معبدة، ووفرة مياه، لكنها بحاجة إلى أن تحول تلك المواقع إلى وجهات سياحية عن طريق الاستثمار النوعي.
مركز حداد بني مالك الذي يقع جنوب الطائف بقرابة 145 كلم على (طريق الطائف الباحة السياحي) ذكرته مصادر تاريخية بانه لؤلؤة الحجاز لجمال مكوناته الجغرافية والبيئية.
الجبال الشامخة مثل جبل عصيدة، وجبل إبراهيم قصص أخرى من قصص جماليات بني مالك، والتي تستوقف الزوار أمثالنا لأول وهلة، بين صخورها ذات الألوان المتعددة، وبين منحدرات ومنزلقات حادة وكتل صخرية تلفها أحزمة خضراء على السفوح.
في حداد بني مالك تفوح روائح التاريخ القديم، بكل ملامح عصوره، من بقايا أبنية بنيت بالحجارة والطين وجذوع الأشجار أصبحت، شواهد على عصور تاريخية موغل في القدم، لكن بني مالك تزهو بأنها تحتضن مسجد الصحابي الجليل جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه الذي أسلم هو وقومه في رمضان من السنة العاشرة للهجرة، في حين تعود مراحل تأسيسه إلى قبل 1400 عام، وأصبح واحداً من المساجد التي استفادت من مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية.
وتشتهر حداد بني مالك بسوق شعبي أسبوعي رائج يتحول إلى ملتقى لأبناء القرى والهجر المحيطة ببني مالك وبعض المحافظات القريبة لعرض المنتوجات مثل الفواكه والخضار والعسل وحبوب الدخن والذرة والقمح.