عندما تتأمل الحياة، تجد أنها أشبه بمسرحية كبيرة. لكل منا دور مختلف على خشبة هذا العالم، ونقف أحيانًا مذهولين أمام أدوار البعض الذين يبدو وكأن “الحظ” قد اصطفاهم وحدهم! لكن، هل الحظ حقًا صديق مخلص للبعض وعدو لآخرين؟ أم أنه لعبة تختبئ خلف ستار من التدبير الإلهي والجهد الإنساني؟
الحظ… كلمة بألف معنى
“محظوظ” كلمة ترددها الألسن وكأنها وصف سحري، لكنها في جوهرها تعني أن الإنسان قد لاقى الخير دون توقع أو جهد. ولعلنا نتذكر قوله تعالى: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 35]، لنجد أن الحظ يحمل بُعدًا أعمق من مجرد صدفة. إنه رزق من الله يُمنح لمن يشاء من عباده، أحيانًا اختبارًا، وأحيانًا مكافأة.
ومع ذلك، نجد بعض الأشخاص يشتمون “حظهم”، يرددون كلمات مثل: “قدري سيئ”، أو “لست محظوظًا”. لكن الإسلام يعلّمنا أن هذه الكلمات تحمل في طياتها سوء ظن بالله. بدلاً من ذلك، علمنا النبي الكريم أن نقول: “قدر الله وما شاء فعل”، مع يقين بأن الله لا يقدر لنا إلا الخير.
بين العقل والحظ
قد تتساءل: لماذا ينجح البعض دون جهد، بينما يجتهد آخرون بلا نتيجة؟ الجواب يكمن في التوازن بين العقول التي تخطط والحظوظ التي تأتي كهدية. أصحاب العقول يمتلكون المعرفة والفطنة، يخططون ويتحركون بحكمة، أما أصحاب الحظوظ فهم غالبًا أولئك الذين تخدمهم الظروف دونما عناء. لكن الفارق هنا أن الحظ وحده لا يدوم، بينما تبقى بصمة العقل والعمل هي الأثر الذي يخلده الزمن.
كيف نصنع الحظ؟
الحظ ليس سحرًا خفيًا لا يمكن الوصول إليه. إنه، في كثير من الأحيان، نتاج طريقة تفكيرنا وسلوكنا. الأشخاص المتفائلون، الذين ينظرون للحياة بعيون مليئة بالأمل، يجذبون الفرص إليهم. يقول عالم النفس السويسري كارل يونغ: “أنا لست ما حدث لي، بل ما أختار أن أكونه.” هذه العبارة تلخص سر النجاح، فهو اختيار ينبع من داخلنا وليس مجرد صدفة عابرة.
التفاؤل بالخير… مفتاح النجاح
في النهاية، الحظ قد يأتي مصادفة، لكنه يحتاج إلى أرض خصبة ليستقر فيها. ابدأ يومك بحمد الله وشكره على نعمه، صلِّ وادعُ الله بثقة، فالدعاء يُستجاب حين يصاحبه يقين، والعمل يؤتي ثماره حين يُبذل بصدق.
الحياة ليست لعبة حظ، بل مزيج من التخطيط، الصبر، والرضا بما يكتبه الله لنا. فلا تقل “لست محظوظًا”، بل قُل: “سأصنع حظي بإيماني وسعيي”.