هِي مِن أَفضل الوسَائل وأقربِهَا وأكثرِهَا فَاعليَّة للنَّجاحِ، ولقَد كَان ﷺ أفضلَ قَائدٍ للبَشريَّة فِي تَاريخهَا، وكَان مُربِّيًا وهَاديًا بسلوكهِ، مُحفزًا بِكلامهِ، لذلكَ سَتظل القِيم المُثلَى مُجردَ حقَائق ونصُوص مَحفوظة أو مكتُوبَة لا تَأثير وَاقعِي حَقيقي لَها ولا فَائدةَ منهَا إلى أن تُصبحَ نَموذجًا فعليًا عَمليًا فِي حَياة البَشر وتعَاملاتِهم؛ فتُؤثر إيجَابيًا على تصرفَاتِهم وسُلوكيَاتِهم وعَادَاتِهم، وأول مَنْ يُنظر إليهِ فِي سَبيلِ تَحقيق القَيم المُثلى هُم القَادة الذين يُواجهون أصنَافًا مُختلفةً من الشَّخصيَات المُتنوعة مِن البَشرِ بَدءًا من قَائد الأسرةِ في المَنزل إلى قَائد الموظفِين فِي العَمل إلى قَائد الطُلابِ في الفَصلِ، فَينبغِي أنْ يَكون جَميع هَؤلاء قُدوَات حَسنة، لأنَ مِن طَبيعة البَشرِ التَأثر بِالأشخاصِ المُقربِين مِنهم والمَرموقِين كَربِ الأسرَة في أسرَتهِ، والمُعلم فِي صَفهِ.
قَال الإمَام الحَافظ الذَّهبي ـ رَحمهُ الله ـ في سير أعلام النبلاء (10/ 316) عَن الحُسين بن إسماعيل عن أبيهِ، قَال: "كَان يَجتمعُ في مَجلس أحمد زَهَاء خَمسة آلاف أو يَزيدون نَحو خَمس مئة يكتبُون، والبَاقون يتعلمُون مِنه حُسن الأدبِ والسَّمتِ".
وجَاء فِي تَاريخ بَغداد (14/304)عن الرَّبيع صَاحب الشَّافعِي وتَلميذه، قَال: كَتب إليَّ أبو يَعقوب البُويطِي: أن اصبر نَفسكَ للغُربَاء، وحَسّن خُلقكَ لأهل حَلقتِك - يَعني لطلابِك، فَإني لمْ أزلْ أسمعُ الشَّافعِي يقُول كَثيرًا ويتمَثل:
أهِينُ لَهُم نَفسِي لكِي يكرِمُونَها ...
ولَن تُكرَم النَّفسُ التِي لا تهِينهَا
إنَ القَائد أيًا كَان مَوقِعه يَجب عَليهِ التَّحلِي بالأخْلاقِ والقِيم الحَميدَة، لأنهُ بَابُ القُدوة الأول والقُوة والرَّأي الحَسن، كمَا يجبُ عليهِ أن يَكون مُلهمًا ومُتفائلاً وإيجَابيًا، يُقدم الدَّعم لِمن حَوله (أسرته ـ مُوظفِيه ـ طُلابه ـ زُملاءه) ويُقدم لَهم المسَاعدَة اللاَزمة ويُشعرَهم بالأمانِ والرَّاحةِ ويُذلِل لَهم الصِّعاب ويَكون دَاعمًا لَهم فِي مُواجهة التَّحديَات التي تُقابلهُم فِي أعمَالهم ودُروسِهم ووَاجباتِهم، وأنْ يشعِر القُدوة النَّاس بِالثقة بهِ، ويَكون ذَلك مِن خِلال كَونه قَادرًا على تَحدِيد الاتجَاه الصَّحِيح للأمورِ بِكل وضُوح، وتَحقيق النَّتَائج الرَّئيسَة والمَطلوبَة.
بقلم - إسماعيل الحداد
القِيادةُ بالقُدوةِ الحَسنَة
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://shahdnow.sa/articles/293604/