تعد مكة المكرمة من أكثر المدن قداسة وأهمية في العالم الإسلامي، حيث تحتضن الحرم المكي الشريف، الذي يعد قبلة المسلمين في صلواتهم وأشرف بقعة على وجه الأرض. ولا تقتصر أهمية مكة على كونها مكانًا دينيًا فحسب، بل إن لها تاريخًا عميقًا وثريًا جعلها واحدة من الوجهات السياحية المهمة التي تجذب ملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم. وفي هذا السياق، يشهد حراك الإرشاد السياحي في مكة المكرمة تطورًا ملحوظًا، حيث تعمل المدينة على دمج الجوانب الدينية مع الجانب السياحي التاريخي، مما يساهم في إبراز ثقافتها العريقة وتاريخها الحافل.
من بين أبرز الأماكن التي يمكن للزوار الاستمتاع بها في مكة المكرمة، هناك معارض مثل معرض الوحي ومعرض القرآن الكريم، اللذان يعكسان جزءًا من تاريخ مكة المكرمة والرسالة السماوية التي انطلقت منها. يبرز معرض الوحي بشكل خاص كيف كانت مكة نقطة انطلاق رسالة الإسلام، بينما يعرض معرض القرآن الكريم المخطوطات القديمة والنسخ القرآنية النادرة التي تعد إرثًا حضاريًا هامًا.
كما أن متحف الساعة يُعد وجهة سياحية تضاف إلى حراك الإرشاد السياحي، حيث يعرض تطور صناعة الساعات في العالم الإسلامي، بالإضافة إلى كونه نقطة محورية تتصل مباشرة بموقع برج الساعة في مكة. يُعتبر هذا البرج من أبرز المعالم الحديثة في المدينة، ويجسد التقدم التكنولوجي الذي يواكب روح المدينة الإسلامية. وخاصرة عين زبيدة شأن في عرض عجائب صنع الإنسان في البناء والتشييد.
من خلال المسار التاريخي، يتعرف الزوار على العديد من المعالم المميزة التي جعلت مكة المكرمة مركزًا روحيًا للثقافة الإسلامية. إن جبل النور، حيث يقع غار حراء، يمثل معلمًا دينيًا مهمًا جدًا للمسلمين، ففيه تلقى النبي محمد صلى الله عليه وسلم أولى معجزات الوحي من الله عز وجل. بينما جبل الرحمة في عرفات هو مكان عظيم يرتبط بيوم عرفة، حيث يتجمع الحجاج في هذا المكان لتأدية إحدى أهم مناسك الحج.
إلى جانب ذلك، هناك العديد من المساجد التاريخية والدينية التي تتمتع بأهمية دينية كبيرة مثل مسجد نمرة، والمشعر الحرام، ومسجد الجن، ومسجد السجرة، ومسجد الإجابة وغيرها، وفي مقدمتها المسجد الحرام، ذلك البيت العتيق الذي يظل قلب مكة النابض، والمكان الذي يلتقي فيه المسلمون من كل أنحاء العالم للصلاة والطواف.
تتناغم مكة المكرمة في جمالها مع التضاريس الطبيعية المدهشة مثل جبل النور وجبل ثور، الذي يرتبط بتأريخ هجرة النبي صلى الله عليه وسلم. هذه الجبال لا تقتصر على كونها معالم سياحية، بل هي جزء لا يتجزأ من التاريخ الإسلامي الذي يروي أحداثًا عظيمة تحمل عبق الماضي.
كما تحتوي مكة على مناطق الحج (المشاعر المقدسة): منى، ومزدلفة، وعرفات، التي تشهد كل عام تدفق الحجاج إليها. وتظل منى، على سبيل المثال، نقطة تحول تاريخية وثقافية هامة ترتبط بها العديد من الأحداث، من أبرزها "رمي الجمار" الذي يعد شعيرة هامة من شعائر الحج.
الفرصة أمام مكة المكرمة مواتية لكي تصبح المدينة الأولى عالميًا في جذب السياح من مختلف البلدان، ليس فقط لأنها تحتوي على أهم المعالم الدينية والتاريخية، ولكن أيضًا بسبب احترافية وتميز أهلها في التعامل مع الوافدين من زوار وعمار وحجاج، حيث يتم تقديم الخدمات بشكل متميز. وتحرص حكومة المملكة العربية السعودية الرشيدة على تطوير البنية التحتية والخدمات السياحية لتلبية احتياجات الملايين من الزوار ، ففي المسار التاريخي لهذه المدينة المقدسة أماكن عذة لايمكن حصرها في هذ الاسطر
وتعتبر مدينة مكة المكرمة مثالًا حيًا للتنظيم والاهتمام بكافة جوانب رحلة الحج والعمرة، من توفير وسائل النقل إلى تقديم المساعدات الإرشادية لجميع الحجاج.
مكة المكرمة ليست مجرد مدينة مقدسة، بل هي مركز تاريخي عميق، تضم معالم إسلامية ودينية غنية تستحق الاكتشاف. ومع جهود المملكة المستمرة لتطوير السياحة الثقافية والتاريخية، فإن مكة مرشحة لتصبح الوجهة السياحية الأكثر جذبًا على مستوى العالم. وهذا يتجلى في وجود الأماكن الرائدة مثل معرض الوحي، ومعرض القرآن الكريم، ومتحف الساعة، بالإضافة إلى المواقع التاريخية والدينية التي توثق اللحظات المحورية في تاريخ الإسلام. إن مكة تمثل مزيجًا فريدًا من التقدير الروحي والجاذبية السياحية التي تجعلها لا نظير لها في العالم.
ــــــــــــــــــــــــ
*رئيس التحرير ، مرشد سياحي





