من المحزن أن نرى نادي الوحدة، النادي المكي العريق، يتخبط في أزماته الإدارية والفنية، بينما رفيق دربه، نادي الاتحاد، يتألق ويعتلي القمم. ، كنا نأمل أن يكون للوحدة موقعه الطبيعي بين الكبار، لكنه أصبح يعاني بلا هوية واضحة، ولا رؤية تعيد له توازنه المفقود.
التراجع لم يكن فقط على مستوى النتائج داخل الملعب، بل طال كل ما يخص الوحدة. الجماهير المحبة تراجعت، وفي مقدمتها عرّاب المدرجات السعودية، العاشق الوحداوي عاطي الموركي، الذي كان رمزًا للحب والولاء لهذا الكيان. الإعلام الوحداوي تراجع وتلاشى، ولم يعد هناك صوت يدافع عن النادي أو يطالب بحقه. حتى كبار العاشقين رفعوا أيديهم واستسلموا لضربات الواقع القاسي.
خيبات الفريق المتكررة حرمت الوحدة من استقطاب الأجيال الجديدة، فلم يعد له مكانة في قلوب الشباب الرياضي. الجيل الحالي يبحث عن الفرق التي تحقق الإنجازات، أما الوحدة فقد خسر نصيبه من العشق بسبب تعاقب إدارات غير مسؤولة، لم تقدم أي رؤية، ولم تحافظ على الإرث الذي بناه الأوائل. لا أتهم شخصًا بعينه، لكن الحقيقة أن هناك أمة مكاوية بأكملها مسؤولة عن هذا الإخفاق، لأنها صامتة، متفرجة، لا تتحرك لإنقاذ ناديها.
ولعل أكبر مأساة أن متوسط أعمار أبنائي يتراوح بين الثلاثين والأربعة عشر عامًا، وليس لديهم أدنى اهتمام بنادي الوحدة. وعندما أتحدث معهم عنه، يتساءلون بدهشة: "معقول؟!"، وكأنني أروي لهم قصة من زمن بعيد. أما أصغر أبنائي، فيظن أن الوحدة أحد فرق أحياء مكة! وهذه وحدها تكشف حجم التراجع، فكيف يمكن لنادٍ بحجم الوحدة أن يصبح مجهولًا بالنسبة للأجيال الصاعدة؟
وفي المقابل، لنا في نادي الاتحاد أسوة حسنة. هذا الفريق الذي عانى كثيرًا، وواجه خيبات متكررة حتى في العهد الحديث أمام الهلال القوي، لكنه عاد بفضل رجاله الأوفياء، سواء في المدرجات أو في أروقة النادي أو حتى في أحياء جدة القديمة والحديثة، حيث تكاتف الجميع ليعيدوا للنادي هيبته.
الوحدة ليس مجرد فريق، بل هو تاريخ وإرث يستحق أن يُحافظ عليه. لا وقت للبكاء على الأطلال، ولا فائدة من الصمت. التحرك واجب على كل محب لهذا النادي، وإلا سيظل الوحدة غارقًا في الحضيض، بينما الآخرون يصعدون إلى القمة.
ــــــــــــــــــــ
*وحداوي متالم





