مع حلول شهر رمضان المبارك، تتجلى روحانية هذا الشهر الفضيل في أقدس بقاع الأرض، مكة المكرمة، حيث يكتظ المسجد الحرام بالمصلين والمعتمرين من شتى بقاع العالم. في مشهد روحاني مهيب، يتوافد الملايين إلى بيت الله الحرام، قاصدين الصلاة والطواف والسعي، طامعين في نفحات الرحمة والمغفرة التي تغمر الأجواء.
تمتلئ ساحات الحرم المكي وأروقته بالمصلين الذين يرفعون أكف الضراعة إلى الله، سائلين القبول والرضوان. وتبلغ الأجواء الروحانية ذروتها خلال صلاتي التراويح والقيام، حيث تصدح أصوات الأئمة بتلاوة آيات القرآن، فتخشع القلوب وتدمع العيون. مشهد الطواف حول الكعبة المشرفة يعكس وحدة المسلمين وتآلف قلوبهم، وهم يرددون الدعوات والأذكار بخشوع وانكسار.
يتميز المسجد الحرام خلال رمضان بازدحام شديد، خاصة في العشر الأواخر من الشهر، حيث يحرص المسلمون على اغتنام هذه الأيام المباركة والاعتكاف داخل الحرم. وعلى الرغم من الأعداد الغفيرة، تسود أجواء النظام والتعاون بين الزوار، في ظل جهود جبارة تبذلها الجهات المختصة لتسهيل أداء المناسك، وضمان راحة المعتمرين والمصلين.
وتولي حكومة المملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – أطال الله في عمره – وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – اهتمامًا بالغًا بخدمة قاصدي بيت الله الحرام، وتسخر كافة القطاعات لتقديم أرقى الخدمات لضمان راحة المعتمرين والزوار والمصلين.
تشمل هذه الجهود تطوير وتوسعة المسجد الحرام لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الزوار، وتحديث أنظمة التكييف والتهوية، وتوفير مياه زمزم بطرق حديثة، إضافة إلى تعزيز خدمات النقل والمواصلات من خلال مشاريع ضخمة مثل قطار الحرمين السريع وحافلات النقل الترددي.
كما تعمل الجهات الأمنية والصحية والخدمية على مدار الساعة لضمان انسيابية حركة الحشود، وتوفير خدمات الإسعاف والرعاية الصحية في المستشفيات والمراكز الطبية المحيطة بالحرم. وتلعب
الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي دورًا بارزًا في تنظيم الصلوات والاعتكاف وتوزيع المصاحف والمطبوعات الإرشادية بعدة لغات لخدمة الزوار من مختلف الجنسيات.
وعند مغيب الشمس، يتحول صحن الحرم وساحاته إلى موائد إفطار تمتد في كل اتجاه، حيث يجتمع الصائمون على تمرات وماء وحساء، في صورة رائعة من الإخاء والتراحم بين المسلمين. المتطوعون يوزعون وجبات الإفطار، في مشهد يعكس روح العطاء والتكافل التي يتميز بها رمضان.
مكة المكرمة في رمضان ليست مجرد مكان، بل تجربة إيمانية فريدة، حيث تلتقي الأرواح على حب الله، وتتوحد القلوب في رحابه، في مشهد يعكس عظمة الإسلام وسماحة هذا الدين العظيم، بجهود حثيثة من قيادة المملكة العربية السعودية التي تسخّر كل إمكانياتها لخدمة الحجاج والمعتمرين، ليؤدوا عباداتهم في أجواء آمنة ومريحة ، بالحمد الله على نعمة الجوار والعيش في اقدس بقاع الأرض





