في رحلتي لتوثيق سِيَر رواد الكشافة العرب، في كتابي (رواد الكشافة العرب سيرة ومسيرة) توقفت طويلًا عند سيرة الراحل عباس عبدالله حدواي، لأجد نفسي أمام تاريخ حافل يفوق عمري، وإنجازات كشفت لي عن قامة كشفيّة عظيمة ظلت في الظل في سنواته الأخيرة.
حين تصفحت سيرته لأول مرة كمسودة للنسخة الثانية من كتابي رواد الكشافة العرب – سيرة ومسيرة، ذُهلت لما قدمه هذا الرجل للحركة الكشفية. كان (حداوي) حاضرًا في كل مرحلة من مراحل تطور الكشافة السعودية، يترك بصماته في كل ركن من أركانها، حتى استحق بجدارة لقب "بادن باول السعودية"، فهو من أقدم رجال الكشافة على الإطلاق، وصاحب سجل حافل بالتضحيات والعطاء.
في أيام دراستي في التعليم العام ونشاطي في الفرق الكشفية، كان اسمه يتردد صدًى قويًا، وكنا نعرفه كقائد ملهم، لكن لم أكن أدرك حينها حجم إسهاماته الحقيقية. اليوم، وعندما رصدت سيرته، وجدت نفسي أمام شخصية استثنائية تستحق أن تكون في طليعة النسخة الثانية من كتابي، فهو ليس مجرد رائد كشفي، بل رمز من رموز الوفاء لهذه الحركة التي أفنى عمره في خدمتها.
ستظل سيرته منارة تُلهم الأجيال القادمة، وتشرفت بتوثيقها في كتابي، ليبقى شاهدًا على تاريخه العريق وإرثه الكبير في خدمة الكشافة ، ومن أراد معرفة تفاصيل مشواره يطلع عن النسخة الثانية من كتاب رواد لكشافة العرب سيرة ومسيرة
اليوم الاثنين الثالث من شهر رمضان المبارك تلقيت نبأ رحيلة ببالغ الحزن والاسى وتيقنت أن عباس حداوي رحل بهدوء هذا الشهر الفضيل عن دنيانا الفانية ولم يبقى إلا سيرته العطرة ، ليُوارى جثمانه الطاهر في أرض مكة، حيث يرقد الطيبون من الصحابة ورجال مكة الأوفياء. رحم الله هذا القائد الكبير، وأسكنه فسيح جناته، و"إنا لله وإنا إليه راجعون".





