في عالم الإدارة والقيادة، يتجه الضوء عادةً نحو القائد الأول أو المسؤول الأعلى، ويُحتفى بإنجازاته، وتُسلَّط الأضواء على قراراته. لكن خلف هذا النجاح يقف دومًا "الرجل الثاني"، ذلك الشخص الذي يعمل بصمت، يُسهم في صنع القرار، ويحمل على عاتقه مسؤوليات كبرى، دون أن ينال القدر الكافي من الاهتمام والتقدير الذي يستحقه.
فالرجل الثاني هو الذراع اليمنى للقائد، الشخص الذي يُدير التفاصيل، يُنفذ الاستراتيجيات، ويتعامل مع التحديات اليومية؛ لضمان استمرارية العمل بسلاسة. قد يكون نائب المدير، مساعد القائد، أو حتى شخصًا يعمل في الظل، لكنه يُشكل دعامة أساسية لنجاح المؤسسة أو الفريق.
على الرغم من عدم تصدره المشهد، إلا أن الرجل الثاني يتحمل مسؤوليات كبيرة، منها: التنفيذ الاستراتيجي؛ لأن القائد الأول يضع الرؤية العامة، ويكون الرجل الثاني هو من يحوّل هذه الرؤية إلى واقع ملموس، إلى جانب إدارة الأزمات؛ لأنه هو أول من يواجه المشكلات، ويبحث عن حلول قبل أن تصل إلى القائد. وهو نفسه يعمل على تحقيق التوازن داخل الفريق، حيث يلعب دورًا في تهدئة الأجواء، وحل النزاعات، وتحفيز الفريق للحفاظ على الإنتاجية. كما أنه يحسن اتخاذ القرارات عند الحاجة، خصوصًا عند غياب القائد؛ حيث يصبح الرجل الثاني هو المرجع الأساسي لاتخاذ القرارات المهمة.
وفي رأيي، هناك عدة أسباب تجعل الرجل الثاني بعيدًا عن الأضواء دائمًا، خصوصًا في الوطن العربي؛ لأن طبيعة دوره تفرض عليه العمل خلف الكواليس، وبذلك يسود لدى الآخرين اعتقاد بأن القائد هو صاحب الفضل الأول في النجاح، ولا ننسى عدم حرص بعض القادة على إظهار دور الرجل الثاني، خوفًا من أن يسرق منه الأضواء.
وهنا لا بد أن نشير إلى أن الإهمال المستمر لدور الرجل الثاني قد يؤدي إلى شعوره بالإحباط، وعدم التقدير، مما قد يؤثر على أدائه، وحتى على استقرار المؤسسة. لذلك، من الضروري إشراكه في النجاحات؛ فالاعتراف بمساهمته في الإنجازات يعزز من شعوره بالقيمة، وتسليط الضوء عليه، خصوصًا في منافذ الإعلام خارج محيط الجهة، إلى جانب أهمية إعطائه مساحة للظهور، سواء من خلال تمثيل المؤسسة في الفعاليات أو في الاجتماعات المهمة. ولا نغفل دوره المهم، مما يستوجب تحفيزه من خلال تقديم الحوافز والتكريم، سواء ماديًا أو معنويًا؛ لإشعاره بأهمية دوره. وأخيرًا، يجب تمكينه من القيادة المستقبلية؛ فمن الرجل الثاني اليوم قد يخرج القائد الأول غدًا.
فلاش :
الرجل الثاني هو ركيزة النجاح التي لا يراها الكثيرون، لكنه عنصر لا غنى عنه في أي منظومة ناجحة. من الضروري تغيير النظرة النمطية التي تقلل من دوره، ومنحه التقدير الذي يستحقه؛ حتى تستمر عجلة النجاح في الدوران، دون أن يشعر بأن مجهوده يذهب سدى ، لان الرجل الثاني هو العمود الخفي الذي يستند إليه النجاح، فبإنصافه وتقديره تكتمل منظومة القيادة الحقيقية ، هذا علمي وسلامتكم .





