شَدنِي مَشهَد بسيط فِي ظاهرَة، عظيم فِي جَوهرِه. مَشهَد بدأ مِن قَلْب القاهرة، العاصمة المصْريَّة النَّابضة، وانْتَهى إِلى أحد أَحيَاء عدن اليمينة المنْهكة. الخيْر اِنطلَق مِن هُنَاكَ، لَكنَّه لَم يَعرِف حُدودا، ولم يَتَوقَّف عِنْد جِنْسيَّة أو مسافة.
الرَّائدة الكشْفيَّة الدُّكْتورة سُميَّة سُليْمَان مِن مِصرَ، وزميلهَا الرَّائد اَلكشْفِي مَنصُور عَامِر مِن اليمَن، جسدًا المعْنى الحقيقيَّ لِلْإنْسانيَّة، حِين أَوصَلا الإحْسان لَمِن يسْتحقُّه، رَغْم مَا بيْنهمَا مِن بُعْد جُغْرافيٍّ وَظرُوف مُعقدَة. مَا قَامَا بِه لَم يَكُن مُجرَّد " عمل خَيرِي "، بل رِسالة صَادِقة عُنْوانهَا " العطَاء بِلَا حُدُود ".
كنْتَ مُسْتمْتعًا ومتابعًا لِهَذه المبادرة مِن بِدايتهَا حَتَّى نِهايتها. قَلبِي كان مَعهُم، ولساني لَم يَكُف لَحظَة عن الدُّعَاء لَهما.
أتدْرون أَيهَا الأعزَّاء. . . مَا هِي حَالَة الطَّرف اَلْأَول؟ الدُّكْتورة سُمَية، هِي كَانَت تُؤدِّي هذَا العمل الإنْسانيِّ وَهِي فِي حَالَة حُزْن لِفقْدَان زوْجهَا قَبْل أَيَّام معْدودة، ورغْم ذَلِك لَم تتراجعْ، ولم تَتَوقَّف عن العطاء.
أمَّا مَنصُور عامرْ، فلَا مَجَال لِوَصف الظُّروف المحيطة بِه. بلد مزَّقتْه الحرْب، وقسْمَته إِلى بُقَع، وأثْقلتْه المعاناة. ومع ذَلِك لَم تمْنعْه الحيَاة القاسية مِن أن يَكُون حاضرًا فِي مَيادِين الخيْر.
هؤلاء هُم الأبْطال الَّذين يَجِب أن يُشَار إِليْهم بِالْبنان. أثْبتوا أنَّ الكشْفيَّة لَيسَت مَرْحَلة عابرَةً، بل تَربِية مُمْتدَّةً، ومبْدأ راسخ، وَرُوح تَسرِي فِي القلْب.
قد يَتَساءَل البعْض: مَا اَلذِي دفع الزَّميليْنِ العزيزيْنِ لِتنْفِيذ هذَا العمل؟
الْإجابة: الكشْفيَّة، هَذِه المدْرسة العظيمة تَصنَع الإنْسان الصَّالح، وَتغرِس فِي أبْنائهَا حُبَّ النَّاس، وَرُوح الخدْمة، والْعطاء مِن دُون مُقابل.
الدُّكْتور (سميَّة) والرَّائد (منْصورْ) هُمَا ثَمرَة هَذِه المدْرسة. دخْلاهَا شبابا، ومَا زَالَا رَغْم التَّحدِّيات يمْنحَان ويعْطيان دُون كلل أو ملل.
فلاشْ:
أنَّ ما قامَا بِه الزَّميليْنِ وَإِن كُنَّا نَرَاه " عملا بسيطًا "، فَاَللَّه وَحدَه يَعلَم مَكَانتَه وأجْره العظيم، ..
سَلَام على كُلِّ رَائِد وَرائِدة يحْملون الخيْر فِي قُلوبهمْ، ويمْنحونه بِسخاء، وعاشتْ الكشْفيَّة. . . وَعَاش الرُّوَّاد الَّذين يعْملون بِصمْت، ويعْطَوْن بِلَا حُدود، هذَا عِلْمِي وسلامتكم
ــــــــــ
*رائد كشفي