الجميع ما بين مصدق ومكذب يترقب نتائج وارتدادات ( حفلة ) المزايدات الضريبية الأمريكية والصينية على الواقع الاقتصادي العالمي، وقد شاهد الجميع كيف أن صدى تلك ( الحفلة ) وقبل الإيذان ببدايتها كان كافيا لسقوط وانهيار عام في جميع أسواق خدمات الأوراق المالية التي تعتبر الفرع الأكثر هشاشة بين فروع النشاط الخدمي، والأقل فاعلية في النماء الاقتصادي.
الاقتصاد العالمي بشكل عام لا يبدو بحالة جيدة لأسباب عديده أهمها حالة عدم الاستقرار الناجمة عن سرعة وتتابع وضخامة متغيرات الأحداث بشكل مفاجئ ومربك لمعظم الخطط التنموية قصيرة كانت أم طويلة باهظة الثمن أم متواضعة على الصعيدين العام والخاص.
أما وإن استمر قرع طبول تلك ( الحفلة ) طويلا فإن آثار ارتداداتها الاقتصادية ستبقى عنيفة جدا خصوصا على الدول التي لا تمتلك فائض احتياط نقدي كافي لمواجهة ( المرحلة ) بالدعم اللازم، وذلك بداية من تضخم أسعار ( الرئيسي ) من السلع والخدمات على حساب انهيار أسعار ( الثانوي ) منها، ثم مرورا بانخفاض معدلات الطلب والإنتاج والتي سيتبعها مباشرة انخفاض في أسعار الطاقة والمحروقات، أخيرا وانتهاءا بارتفاع معدلات البطالة والدين العام والخاص.
وسط ذلك الارتباك في السلوك الاقتصادي من المتوقع أن يسعى الاحتياطي الفيدرالي ومن وراءه البنوك المركزية إلى كبح جماح تضخم الأسعار من خلال رفع سعر الفائدة في سبيل خفض وتيرة الاقتراض والانفاق والطلب أملا في تراجع التضخم، لكن ذلك سوف يكون على حساب توسع الأنشطة ( الصناعية والزراعية والتجارية والخدمية ) فضلا عن الهروب الجماعي المتوقع للاستثمارات المالية الضخمة ( الأموال الساخنة ) حيث الفائدة الأعلى الأمر الذي ينذر بإفلاس العديد من الكيانات المالية ( البنوك وشركات التأمين )، وبذلك نكون أمام أسوء حالة اقتصادية عرفتها البشرية ( الركود التضخمي ).
في مواجهة تلك الارتدادات، من المتوقع مشاهدة خروقات عديدة لقواعد منظمة التجارة العالمية ( الجات ) والتي خاض أعضاؤها مفاوضات عصيبة في سبيل الوصول إلى توسيع حرية التجارة العالمية بالقضاء على القيود النوعية والكمية، فقد تلجأ كثير من الدول للحد من أزمتها الاقتصادية عن طريق دعم الكيانات الأكثر حيوية وأولولية حماية لها من الإفلاس، وكذلك دعم أهم السلع والخدمات حماية للمستهلك من الانتكاس، بل قد تتفاقم تلك الخروقات لتتحول إلى حرب اقتصادية تعود بالدول لفرض قيود نوعية وكمية تشل من قواعد تلك المنظمة تحت ذريعة ( الظروف الطارئة ).
يبدو أن السياسات الرعناء التي تنتهجها حكومات بعض الدول لم تكتفِ بالفشل على المستوى الإنساني لتدخل في مرحلة فشل جديدة على المستوى الاقتصادي، الأمر الذي ينذر بكوارث على المستويين الاجتماعي والأمني قد يصعب تداركها والسيطرة عليها كما بدا الحال في أمريكا وأوروبا.
القرارات السياسية والاقتصادية الفردية واللا أخلاقية تدمر منظمة الأمم المتحدة شيئا فشيئا، وفي ظل غياب القواعد الأخلاقية التي تحكم سياسات الدول، هل آن الأوان لنشاهد إنسحاب جماعي لبعض الدول من تلك المنظمة والعمل على تأسيس منظمة دولية موازية ذات حضور وفاعليه.
التعليقات 1
1 pings
اليسر
11/04/2025 في 2:28 ص[3] رابط التعليق
ممكن ويمكن وقد يكون