تربية الحلال في المملكة ليست مجرد مهنة، بل إرث متجذر في الوجدان الشعبي، وسجلٌ ناطقٌ بصبر الأجداد وكفاحهم في وجه قسوة الطبيعة وتحديات الأرض. حرفةٌ ارتبطت بالكرم والجود، وشهدت تطوراً لافتاً، لكنها ما زالت تواجه تحديات تستحق التأمل والمعالجة.
ورغم التقدم الزراعي والتقني، تبقى هذه المهنة حيوية يصعب الاستغناء عنها، لما تمثّله من رافد غذائي واقتصادي واستراتيجي، فهي تمدّ السوق المحلي بالإنتاج الحيواني وتؤمن جانباً من الأمن الغذائي. وقد تنبّهت الدولة لذلك،
فدعمت المربين، ووسّعت برامج الأعلاف والتوطين والاستثمار في الثروة الحيوانية.
لكن لا يمكن إنكار ما يعانيه مربو الحلال من صعوبات متزايدة، على رأسها غلاء الأعلاف وقلة المراعي، إضافةً إلى ممارسات تجارية غير منظمة بدأت تطفو على السطح، حيث تقوم بعض الجهات – من خارج الإطار التقليدي للمربين – باستئجار المزارع لأغراض تخزينية بحتة، واحتكار الأعلاف، وتجفيف الأسواق منها، ثم إعادة بيعها بأسعار مرتفعة.
وهي ممارسات تُربك السوق وتثقل كاهل المربين الحقيقيين، وتفتح المجال لتقلبات سعرية تؤثر على الأمن الغذائي، كما كادت أن تفعل في أزمات سابقة، كان أبرزها ما حدث مؤخرًا في أزمة البصل، لولا يقظة الأجهزة المعنية التي تدخلت في الوقت المناسب.
والحقيقة أن الغلاء ليس وليد السوق المحلي فقط، بل هو ظاهرة عالمية تأثرت بها معظم الشعوب، والجميع يعلم ذلك ومع هذا، لم تتخل الدولة عن مسؤوليتها، بل قدّمت دعماً مباشراً وغير مباشر، وأعفت بعض المنتجات المستوردة من الضرائب والجمارك لتخفيف الأثر على المواطنين، وهي خطوات تُشكر عليها ولا يُستغرب منها.
في النهاية، الحلال موروث وطني، يستحق المحافظة عليه وحمايته من الاستغلال في تحقيق مكاسب فردية على حساب السوق واستقراره
محمد شبيب
أ. محمد شبيب الشهراني

الحلال هوية وطن ومصدر استقرار
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://shahdnow.sa/articles/310758/




