في كل موسم حج، تبرز المملكة العربية السعودية في أبهى صورها، قيادةً وشعبًا، وهي تجند كل طاقاتها وإمكاناتها لخدمة ضيوف الرحمن. من بين الجهات التي تتقدم الصفوف، تبرز وزارة الصحة بدور محوري، تعمل كجدار صد أول، وعنوان للرعاية الصحية المتكاملة.
جهود وزارة الصحة لا تقتصر على أيام الحج فقط. من مكة إلى المدينة، ومن الطرق إلى غرف العناية، تمتد خدماتها لتشمل كل المنافذ والمناطق التي يمر بها الحاج والمعتمر، عبر شبكة طبية عالية الجاهزية. المستشفيات والمراكز الصحية تفتح أبوابها بكل طاقتها، ويعمل فيها آلاف من الممارسين الصحيين، يسهرون لراحة الحجاج وسلامتهم، مدعومين بأسطول إسعافي متطور.
وفي منى، خلال أيام التشريق، تذهب الوزارة بخدماتها إلى قلب المشاعر. هناك تُشغل أربع مستشفيات رئيسية: الجسر، وادي منى، منى الجديد، ومنى الطوارئ، إضافة إلى عشرات المراكز الصحية الميدانية والفرق الطبية المتنقلة التي لا تترك زاوية إلا وتصلها.
أما في عرفات، فتتجلى العناية بشكل أكبر من خلال مستشفى شرق عرفات، ومستشفى نمرة، ومستشفى جبل الرحمة. مستشفيات تقدم خدمات شاملة، من الطوارئ إلى عمليات القلب المفتوح، جُهزت بعناية على مدار أشهر لتعمل في يوم واحد فقط، يوم عرفة، بأقصى طاقتها لخدمة الحجاج في أعظم يوم في الحج.
كل هذا مدعوم بتقنيات استجابة سريعة، ونظام إحالة ذكي، ومتابعة دقيقة للحالات، في منظومة طبية متقدمة تضاهي كبرى النماذج العالمية.
ومن أجمل ما رأيت، وأعتز به قافلة المرضى المنومين ، حيث كنت أحد مرافقيه يومًا، وقافلة المرضى... هي قلوب تُسافر على عجلات الرحمة. قافلة مخصصة لنقل المرضى المنوّمين من مستشفيات مكة إلى المشاعر، ليؤدوا النسك رغم ظروفهم الصحية. مركبات إسعاف مجهزة كأنها وحدات عناية مركزة متنقلة، داخلها فريق طبي متكامل. مريض القلب، مريض الكلى، وحتى مرضى العناية... الكل يجد له مكانًا في هذه الرحلة الإنسانية. جهد كبير، لكن المملكة تعتبره شرفًا لا يُقارن.
وفي ختام الموسم، حين تشتد الزحمة وتصل الذروة، تُعلن النتائج بشفافية، وتُقدم الأرقام بوضوح. لا مجال للارتجال. كل شيء مخطط، وكل إجراء موثق، وتخضع الخدمات لتقييم شركات مستقلة لضمان الجودة. وفي النهاية، يُعلَن النجاح الرسمي كخلاصة عمل وطني احترافي يتجدد كل عام.
عموما ما تقدمه المملكة في خدمة ضيوف الرحمن، لا يُقابل إلا بالشكر والدعاء اللهم احفظ بلاد الحرمين، ووفق قادتها، وبارك في سواعد أبنائها الذين نذروا أنفسهم لخدمة ضيوف بيتك العتيق.
ــــــــــــــــ
غدا قطاع آخر في منظومة الحج





