في كل موسم حج، تتألق المنظومة الخدمية في أبهى صورها، بتكامل دقيق بين الجهات الحكومية وشركات خدمة الحجاج. الجهات الرسمية تؤدي دورها في التنظيم والرقابة وتوفير بيئة آمنة وميسّرة، من خلال وضع الأنظمة ومتابعة تنفيذها ميدانيًا. أما شركات خدمة الحجيج، فهي تتولى التنفيذ على الأرض، وتعتني بكل تفاصيل رحلة الحاج من لحظة الوصول وحتى المغادرة، من استقبال وسكن وتفويج وتوعية ورعاية.
هذا التكامل لا يحدث صدفة، بل يتم وفق تنسيق عالٍ وانسجام كبير، يعكس حرص المملكة على تقديم تجربة حج متميزة، تبدأ من لحظة وصول الحاج إلى الأراضي المقدسة وتنتهي بعودته إلى وطنه سالمًا.
وخلال السنوات الأخيرة، شهدت خدمات الحجاج قفزة نوعية بفضل التحول المؤسسي الذي تبنّته المملكة في إطار رؤيتها 2030. فالمطوف، الذي خدم الحجاج لسنوات طويلة، بات اليوم جزءًا من كيان مؤسسي منظم، يعمل تحت مظلة شركات متخصصة بخدمة الحجيج. هذه الشركات انطلقت من جذور الطوافة التقليدية، لكنها أصبحت تدير عمليات متكاملة باحتراف، تبدأ منذ استقبال الحاج وحتى وداعه.
الرحلة تبدأ من المطار أو المنفذ، حيث يُستقبل الحاج، ثم يُنقل إلى سكنه في مكة أو المدينة. بعدها، تُنظّم عمليات التفويج إلى المشاعر المقدسة: من منى إلى عرفات، ثم إلى مزدلفة، في مسارات مدروسة تضمن السلامة والانسيابية.
داخل المخيمات، تتولى الشركات تقديم خدمات السكن والإعاشة، وتحرص على جودة الوجبات ونظافة المكان وسلامة التجهيزات. كما توفر مرشدين يتحدثون بلغات الحجاج، يشرحون المناسك ويجيبون عن الأسئلة الدينية.
وتبقى الفرق الميدانية على أهبة الاستعداد على مدار الساعة، للتعامل مع أي طارئ، سواءً كان صحيًا أو لوجستيًا، بالتنسيق مع الدفاع المدني والهلال الأحمر والجهات المختصة. ومع انتهاء المناسك، تتابع الشركات مغادرة الحاج، وتحرص على أن تكون ختام رحلته كما بدأت: بسلاسة واهتمام.
كل هذه الجهود تُدار بأنظمة إلكترونية دقيقة، ويجري توثيق الأداء وتقييمه باستمرار بهدف تحسين التجربة عامًا بعد عام. إنها نقلة نوعية من الخدمة الفردية إلى عمل مؤسسي احترافي يليق بمكانة الحاج، ويعكس حجم العناية التي توليها المملكة لضيوف الرحمن.





