تُعد دارة الملك عبدالعزيز بالعاصمة الرياض إحدى المؤسسات الوطنية الثقافية الرائدة في خدمة تاريخ المملكة العربية السعودية وتراثها والمحافظة عليه، والبحث في سبل تعزيزه على نطاق واسع، إضافة إلى خدمة العالمين العربي والإسلامي على حد سواء في هذا المجال. وتعتبر الدارة المظلة العلمية التي تشرف وتعتني بالمصادر العلمية الشفوية والوثائقية معاً. وهي المنارة العلمية التي كانت ومازالت تُضيء دراسات وبحوث وإصدارات المهتمين بهذا الشأن، ومن المؤكد أنها ستشهد المزيد من التألق والاهتمام والرعاية وتواصل مسيرتها التاريخية الوضاءة عقب تعيين مستشار خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان رئيساً لمجلس إدارتها حيث حظيت الدارة بالعديد من الخدمات والتي تهدف إلى التطور والتقدم الدائمين ومنها: إنشاء مركز موحد لتقديم الخدمات للمستفيدين والباحثين، وإقامة منصة الدارة الرقمية الشاملة، إضافة إلى تحسين جودة الخدمات وتوسيع نطاق الوصول إليها بكل يسر وسهولة، وغيرها من الخدمات المقدمة.
وهناك الخدمات الأساسية والتي دأبت على تقديمها الدارة منذ بداية نشأتها ومنها: الحصول على المواد التاريخية والمحافظة عليها، وقوائم المصادر أو المراجع، وتسجيل الروايات الشفوية، ونشر الكتب النفيسة، والخدمات الاستشارية، وخدمة الاستفسارات العامة، وغيرها من الخدمات. وحقيقة وفي وقت مضى تم الاطلاع مباشرةً على خدمات أخرى متميزة أثناء زيارة إعلامية لمدير مركز تاريخ مكة المكرمة سابقاً أ.د فواز بن علي الدهاس، كما كان لي شرف الحضور لبعض الندوات العلمية المقامة في المركز- آنذاك- وكأن بريقها قد خفت قليلاً وكلنا أمل في العودة إلى تلك الحيوية والنشاط وإلى ما هو أفضل من الوضع الراهن. ولعل الجديد في مناشط الدارة الطموحة مبادرتها الجميلة والتي أعلن عن إطلاقها سمو الأمير فيصل بن سلمان بدعوة الباحثين؛ للمشاركة في ملتقى تاريخ الحج والحرمين الشريفين في ندوة الحج الكبرى يُوثَّق من خلالها جهود المملكة العربية السعودية تاريخياً وثقافياً وفي مجال العمارة. وهي بلا أدنى شك جهود عظيمة مشاهدة على أرض الواقع.
ومن الجدير قوله تظل دارة الملك عبدالعزيز صاحبة الريادة المطلقة، ورمزاً شامخاً من رموز هذا الوطن الغالي فهي مصدر رئيس للتاريخ الوطني بصفة خاصة، وتاريخ الجزيرة العربية عموماً، ولها مراكز علمية متعددة في مناطق مختلفة من المملكة يُعني كل مركز بتاريخ المنطقة ذاتها، وجمع وثائقه وتدوين تاريخه. وشهدنا تحديداً في منطقة مكة المكرمة فتح مراكز في كل من مكة، وجدة، والطائف ولعل من المأمول تحقيقه التركيز على العمل المتكامل بجعل مركز تاريخ مكة المكرمة مركزاً لمدن المنطقة كافة إذ أن المركز سوف يُغني عن الفروع الأخرى فتكون المجهودات المبذولة موحدة، والتنافس عالٍ، والنتائج على قدر كبير من الطموح على أن يتولى إدارته أكاديمي متخصص وصاحب شغف بارز، وبطبيعة الحال يجب أن يُرّكز العمل على ترسيخ مفهوم الوطنية، وتوثيق تاريخ هذه المنطقة بتشكيل مجلس علمي من أبناء هذه المنطقة المتخصصين يمثلون جميع أطيافها حيث يؤدي هذا إلى تلاقح الأفكار النيرة، وطرح العديد من الإبداعات العلمية، ويكون اختيار هؤلاء الأعضاء الأفاضل بكل عناية واقتدار، وهم كثر ولله الحمد ويبرز هذا الاختيار الدقيق من خلال التميز بالإصدار العلمي، والمشاركة الفاعلة بالأطروحات المتخصصة، والأفكار الجديدة التي تخدم تاريخنا المجيد، هذا ما نرجو رؤيته في منطقة مكة المكرمة في ظل هذا الوطن العظيم.





