الحج إلى بيت الله الحرام فرصة عظيمة لاجتماع المسلمين من مختلف أنحاء العالم ، إذ يلتقون في مكان واحد لأداء المناسك ، لا تفرقهم لغة ولا لون ، فنرى الأبيض مع الأسود والعربي مع الأعجمي ، الكل يتاسون في تجردهم من مظاهر الدنيا وزينتها ، ويرتدون لباس الإحرام البسيط بدلا من ملابس الأنيقة فتظهر المساواة بين الجميع في لبسهم أمام الله.
وأمام ما شكله الحج من الشعور بالإخاء والوحدة في الإسلام ، وقف المستشرقون الذين زاور مكة المكرمة خلسة في الماضي أمام قوافل الحجيج وطوافهم حول الكعبة المشرفة وتصعيدهم إلى المشاعر المقدسة متعجبين ، كيف لهؤلاء المسلمون أن يجتمعوا وهم من فرقتهم الأوطان واللغات .
ووصف الرحالة الإيطالي فارتيما لودفيكو دي ، الذي انضم لقافلة الحج عام 1503، وسمى نفسه " الحاج يونس المصري " ، في الفصل الأخير من كتابه «رحلات فارتيما» شوارع مكة المكرمة وأزقتها وحركة الحجاج بقوله : «إنه لم يجد مطلقاً من قبل مثل هذا العدد من الناس يجتمع في بقعة واحدة من الأرض».
فيما كتب جوزيف بيتس البحار الإنجليزي ، الذي وقع في أسر قراصنة البربر ، وبيع كعبد في الجزائر عام 1678 ، وأُجبر على اعتناق الإسلام ، واطلق على نفسه اسم "الحاج يوسف " ، " دخلتُ من شارع واسع يتوسط مبانٍ تتناثر على يمينه ويساره، ويؤدي هذا الطريق إلى الحرم مباشرة، حتى دخلت الحرم المكي من باب السلام " ، و " لقد كان مشهدًا يخلب اللُّبَ حقًا أن ترى هذه الآلاف المؤلفة في لباس التواضع والتجرد من ملذات الدنيا، برؤوسهم العارية وقد بللت الدموع وجناتهم، وأن تسمع تضرعاتهم طالبين الغفران والصفح لبدء حياة جديدة " .
أما المستشرق الإنجليزي ريتشارد بيرتون الذي جاء لمكة المكرمة 1855 م بتكليف من الجمعية الجغرافية الملكية بلندن ، فقد كتب في تقريره " لقد رأيت شعائر دينية في بقاع كثيرة من الأرض، لكنني لم أر أبدًا ما هو أكثر وقارًا وتأثيرًا مما رأيته هنا " .
وقال المستشرق الاسباني دومينغا لونغا المعروف باسم " على بك العباسي " ، في مذكراته : " إنَّ الإنسان لا يستطيع أن يكوِّن فكرة عن ذلك المنظر المهيب الذى يبدو في مناسك الحجِّ بصورة عامَّة إلا بعد الوقوف على جبل عرفات، فهناك حشد من الرجال الذين لا يُحصى لهم عدد، وهم من جميع الأمم، ومن جميع الألوان، وقد أتَوْا من أركان المعمورة على الرغْم من المخاطر والأهوال لعبادة الله، فالقفقاسى يمد يده للحبشى أو الإفريقى أو الهندى أو العجمي، ويشعر بشعور الأخوة مع الرجال من البرابرة من سواحل مراكش، وكلهم يعُدُّون أنفسهم إخوانًا أو أعضاء في أسرة واحدة ".
ـــــــــــــ
للتواصل
ashalabi1380@
ahmad.s.a@hotmail.com





