ليس غريبًا أن يحلّ الإبداع ويتجلى الإتقان عندما يكون العمل بأيدي سعودية مخلصة تتقرب به أولًا إلى الله عز وجل، ثم تنال شرف الإشراف المباشر من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – أمده الله بتوفيقه – والمتابعة اللحظية من سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – اللذين يوليان الحج عناية فائقة، ويعدّان خدمة ضيوف الرحمن مزية خاصة. ويترجم هذه الرعاية الكريمة رجالٌ مخلصون من أبناء هذا الوطن الطاهر، يعملون بجد، ويقدمون أعمالهم بإتقان وفق أعلى المعايير العالمية، في مسيرة متواصلة نحو التميز، والإبداع، والإمتاع.
ما يُقدَّم في موسم الحج من خدمات هو حقيقة لا خيال، بفضل الله أولًا، ثم بالدعم السخي المتواصل من حكومة هذه البلاد المباركة، منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيّب الله ثراه – ومرورًا بأبنائه الملوك الكرام، وصولًا إلى هذا العهد الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – أعزّه الله.
ومن هذه الحقيقة الناصعة، أتناول في هذا الحديث الجهود العظيمة التي تبذلها الجهات الأمنية والقطاعات الخدمية في خدمة ضيوف الرحمن. وليس هذا فحسب، بل ما يدعو للفخر والاعتزاز هو توظيف التقنية والذكاء الاصطناعي في منظومة الحج، لتتجلى في كل ركن من أركانه صور الإبداع والإتقان. فما نراه من إنجازات يستحق القبلة على جبين كل من أسهم فيها، والدعاء له بالحفظ والتوفيق، والثناء على هذه الأعمال الشريفة التي يحق لكل مسلم أن يفتخر بها، فهي تُسطر في صفحات المجد لوطننا الغالي.
ومن أبرز هذه الإنجازات، ما توصلت إليه القطاعات الأمنية، بإشراف مباشر من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف – وزير الداخلية، رئيس لجنة الحج المركزية – حفظه الله، من استخدام للتقنيات الحديثة عبر المنصة السعودية المتكاملة التي تُعد نقلة نوعية في مجال إدارة الحشود. وقد تم اعتماد أنظمة الاستشعار عن بُعد ونظم المعلومات الجغرافية وتحليل الصور الفضائية بدقة عالية، توفر رؤية شاملة للحرمين والمشاعر، وترفع من كفاءة المراقبة الأمنية، وجودة الاستجابة الميدانية، من خلال تزويد الجهات المختصة بإحصائيات وبيانات دقيقة، ورصد الأنماط غير النظامية، مما يعزز التنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة لمواجهة الطوارئ وضمان استمرارية الأعمال.
وفي سياق متصل، تقوم وزارة الحج والعمرة، بقيادة معالي الوزير الدكتور توفيق الربيعة – حفظه الله – بجهود عظيمة للنهوض بمنظومة الحج. ومن أبرزها تطبيق "نسك"، الذي يوفر أكثر من 130 خدمة رقمية تُيسر على الحجاج رحلتهم، من التصاريح إلى الحجوزات، وزيارة الروضة الشريفة، والتوجيه بعدة لغات، وتقديم بطاقة نسك الرقمية المرتبطة بباركود موحد، بما يسهم في سرعة التحقق من البيانات، ويعزز من اتخاذ القرار في الوقت المناسب.
أما وزارة الصحة، فتقدم نموذجًا يُحتذى في العناية بضيوف الرحمن، بقيادة معالي الوزير الأستاذ فهد الجلاجل، الذي يتابع من الميدان مباشرة. ومن أبرز جهود الوزارة تدشين مبادرتين للإمداد الطبي باستخدام الطائرات العمودية والدرونز، لتقليص وقت إيصال الأدوية من 90 دقيقة إلى 6 دقائق فقط، إضافة إلى خدمات نوعية من خلال وحدات متنقلة للاستجابة السريعة والسكتة الدماغية، مما مكنها من تقديم أكثر من 125 ألف خدمة صحية متقدمة.
كما تقدم الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بقيادة معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السند – حفظه الله – خدمات دينية وتوعوية مبتكرة، عبر 12 تطبيقًا ومنصة رقمية، تتضمن أكثر من 1300 مادة علمية مترجمة إلى 15 لغة، إضافة إلى تطبيق "مبرور"، وخدمة المرشد التوعوي الرقمي، والنظارات الافتراضية، والخرائط التفاعلية، وتقنيات NFC والواقع المعزز، عبر 58 موقعًا ميدانيًا.
ما يُقدّم في الحج من خدمات هو مثال واحد ضمن منظومة متكاملة من القطاعات التي تبذل الغالي والنفيس لتوفير أقصى سبل الراحة للحجاج، وتيسير أدائهم لمناسكهم في يسر وسكينة.
وما هذه الإنجازات إلا تجسيد عملي لرؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى التحول الرقمي الشامل، وتوظيف أحدث التقنيات العالمية في خدمة ضيوف الرحمن، تنفيذًا لتوجيه سمو ولي العهد – حفظه الله – الذي قال:
"نعتز بمواصلة القيام بهذا الواجب العظيم، ونبذل الجهود، ونسخّر جميع الإمكانات، لتوفير سبل الراحة لضيوف الرحمن، منذ قدومهم حتى مغادرتهم إلى ديارهم سالمين غانمين بإذن الله تعالى."
نسأل الله أن يحفظ قادتنا، ويبارك في جهودهم، وأن يديم على بلادنا الأمن والعز، وأن يتقبل من الحجاج حجهم، ويعيدهم سالمين، ويجزل الثواب لكل من عمل وسهر لخدمتهم.





