-بحمد الله- انتهى موسم حج هذا العام بيسر وطمأنينة، ولكن لم ينتهِ الركن الخامس من أركان الإسلام، ففي كل عام ينتظره المسلمون طمعًا في أدائه، أو فرحًا بعيده الأعظم، أو طلبًا للمغفرة والأجر، وتكفيرًا للذنوب التي أثقلت كواهلهم، وليفرحوا برحمة الله التي وسعت كل شيء. فهنيئًا لأهل الموقف، فإن الله يباهي بهم ملائكته.
تتشرف المملكة العربية السعودية –حكومةً وشعبًا– في كل عام بإدارة وتنظيم مناسك الحج لضيوف الرحمن بطريقة علمية وتقنية عالية، لا يضاهيها في العالم أي بلد آخر، بفضل الله الذي أكرمهم بوجود الكعبة المشرفة والمشاعر المقدسة على أراضيهم، وجعل أفئدة الناس تهوي إليهم.
وفي كل عام، يُبهر القائمون على تنظيم الحج من مختلف الجهات المعنية بما يقدمونه من عمل دؤوب وجبار لتيسير أداء المناسك للحجاج، مستخدمين أفضل أنواع التقنية، مثل الذكاء الاصطناعي، والطائرات المسيرة (الدرون)، وكاميرات المراقبة، والمنصات الإلكترونية، والتي يتم تشغيلها بكوادر من الشباب السعودي المؤهل.
قد تتواجد الحشود البشرية المليونية في بعض دول العالم أثناء المواسم الدينية، كما يحصل في الهند أو أثناء استضافة بطولات كأس العالم، إلا أن تلك الحشود تكون موزعة على مساحات واسعة، ومدن متفرقة، ويُوجّه دخولها وخروجها من اتجاه واحد وفي فترات زمنية متباعدة.
أما في موسم الحج، فإن المنظمين يعملون بشكل علمي مدروس ومحسوب بدقة على إدارة المكان والزمان والإنسان؛ فالحشود المليونية تُنقل بين خمسة مواقع (مكة، الحرم، عرفات، مزدلفة، منى) خلال خمسة أيام فقط، ومعهم كل ما يحتاجونه من سكن وطعام وعلاج، مع الأخذ في الاعتبار أن كثيرًا منهم من كبار السن، إلى جانب أدائهم للأركان والواجبات في كل موقع. وهنا تكمن المعادلة الصعبة التي تم تدريب جميع المشاركين في تنظيم الحج عليها، فضلًا عن الخبرات المتراكمة التي يمتلكها العديد منهم.
إن ما تنقله القنوات الفضائية، والمركز الإعلامي الموحد للحج، والصحف المحلية والعالمية، وكاميرات التغطية، هو أكبر برهان ودليل على ما تبذله الدولة –وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين– من جهود وخدمات جبارة لراحة الحجاج ونجاح موسم الحج، وذلك بفضل الله وتوفيقه، ثم بالتخطيط المسبق لكل موسم.
لَبَّيْكَ اَللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ اَلْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكِ، لَا شَرِيكَ لَكَ.
حفظ الله المملكة العربية السعودية، بلد الأمن والأمان، ومنبع الرسالة، وقبلة المسلمين، وبلاد الحرمين الشريفين.





