لم تساعدني ظروفي العملية والاسرية طوال الفترة الماضية للاطلاع على ما كتبه الأستاذ عدنان صعيدي عبر صفحته بالفيسبوك خلال موسم الحج عن الطوافة والمطوفين ، رغم أن أحد الزملاء أبلغني حينها بذلك فتركت الامر لما بعد موسم الحج ، لعلي أجد فيما تناوله معلومة جديدة تفيدني وغيري ، لكني للأسف لم أجد أمام ما تناوله جديد ، فقد دون العديد من الأخطاء على مؤسسات الطوافة ، والمخالفات التاريخية على الطوافة والمطوفين .
وإن تحدث في حلقته المنشورة يوم الجمعة 30 مايو 2025 م ــ 3 ذو الحجة 1446هـ ، عن المطوف قديما ، ومركازه أو برزته كما تعارف عليها الناس ، وكيفية استقبال الحجاج ، ووجبة الضيافة لحظة الوصول ، وتطويف الحجاج ، بنوع الايجاز ، لكنه لم يشر إلى أن بعض المطوفين كانوا يحرصون على الجلوس في البرزة للحديث مع الحجاج ، وكم من علاقات اسرية نشأت من هذه الجلسات .
وفي حلقته الثانية المنشورة يوم السبت 31 مايو 2025 م ــ 4 ذو الحجة 1446هـ ، قال إن " أشهر صبي مطوف، هو الشيخ صالح كامل، يرحمه الله .... " ، وللتاريخ والحقيقة فالشيخ صالح كامل ـ يرحمه الله ـ لم يكن صبي مطوف ، بل كان مطوفا توارث المهنة عن والده الشيخ عبدالله كامل ـ يرحمه الله ـ مطوف الحجاج الافارقة والذي كان منزله في الشبيكة بالقرب من مدارس الفلاح .
والشيخ صالح مثله مثل غيره من الشباب الذين عملوا في خدمة الحجاج ، ومنهم معالي الدكتور حامد هرساني ـ يرحمه الله ـ الذي تولى وزارة الصحة في عهد الملك سعود ـ يرحمه الله ـ فقد كان مطوفا ، بل وشيخا للمطوفين بعد وفاة والده .
وكلمة " صبي مطوف " لا تطلق على ابن المطوف ، بل على من يعمل لدى المطوف وقد أوردت الدكتورة حصة بنت جمعان الهلالي ، في بحث لها بعنوان " الطوافة والمطوفون في عهد الملك عبدالعزيز ، ( 1343 هـ / 1373 هـ ـ 1924 م / 1953 م ) " ، تعريفا شاملا عن صبيان المطوفين ، وأشارت الى أنه " نظرا لكثرة الحجاج في السنوات اللاحقة كان من الضروري أن يكون لكل مطوف مساعدون له يقومون بمباشرة الحجاج والاعتناء بهم وأداء اللازم معهم بكل ما يتعلق بشؤون حجهم ، وهذا الصبي اذا استمر في الخدمة فترة زمنية معينة ( 15 سنة مثلا ) يحق له أن يصبح مطوفا مستقلا ، لكن بشرط أن يشهد له جماعة من المطوفين بأنه عمل عند المطوف الفلاني الفترة الزمنية اللازمة التي تؤهله للاستقلال ، وأنه كان نعم المطوف وحسن الأخلاق ومثالا للجد والاخلاص في خدمة الحجاج ، ثم يرفع الأمر لهيئة التمييز ومنها الى ديوان النيابة العامة لتأييده ثم اصدار الموافقة النهائية على تعيينه ، وقد كان فتح المعلمانية هذا قبل صدور نظام المطوفين عام 1367 هـ / 1949 م ، ثم جاءت موافقة مجلس الوكلاء على نظام صبيان المطوفين بتاريخ 8 / 6 / 1360 هـ " .
وفي حلقته المنشورة يوم الأحد 1 يونيو 2025 م ــ 5 ذو الحجة 1446هـ ، بدأها بقوله : " كانت المعركة شرسة، بين وزير الحج والأوقاف السابق، الأستاذ عبد الوهاب عبد الواسع، يرحمه الله، وبعض المطوفين، الذين لم يرحبوا بفكرة إنشاء مؤسسات للطوافة " ، وأستغرب أن يقول هذا القول وهو لم يعش تلك الفترة معيشة ملاصقة ، أي أنه لم يكن قريبا من المطوفين أو الشيخ عبدالوهاب عبدالواسع ـ يرحمه الله ـ ، ولو كان قريبا لعرف أن الشيخ عبدالوهاب ـ يرحمه الله ـ التقى بالمطوفين قبل طرح الفكرة في المركز الإعلامي بمكة المكرمة أثناء تولي الأستاذ فيصل عراقي ـ يرحمه الله ـ إدارته ، وتحدث عن فكرة المؤسسات وأهدافها وغاياتها ، ولم ينفر المطوفون منه أو يسعون للدخول معه في معركة شرسة ، بل أكرموه وأقاموا حفل عشاء على شرف .
ثم جاء ليقول " أجهض بعض المطوفين الفكرة أكثر من مرة، عندما كان الوزير عبد الواسع يسعى لاستصدار أمر ملكي بإنشاء المؤسسات " ، فمن عاش نشأة مؤسسات الطوافة يلحظ أن المرسوم الملكي رقم م / 13 وتاريخ 4 / 3 / 1398 هـ ، تضمن الترخيص لوزير الحج والأوقاف بوضع اللوائح التنظيمية التي تمنح بموجبها الرخص الجديدة متضمنة شروط قيام مؤسسات الطوافة الجديدة طبقا للأنظمة التجارية وفتح باب الانفصال .
فيما تناول المرسوم الملكي رقم 4 / ص / 13162 وتاريخ 13 / 6 / 1399 هـ، الموافقة على فكرة إقامة المؤسسات، لرفع مستوى مهنة الطوائف وخدمات الحجاج.
أما قوله " وبدأ وضع الفكرة موضع التنفيذ عام 1402هـ " ، فهو قول خاطئ وغير صحيح ، فمؤسسات الطوافة لم تبدأ بمؤسسة مطوفي حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وأمريكا وأستراليا التي أنشئت في 18 / 11 / 1402 هــ ، بل بدأت عام 1399 هــ بمؤسسة مسلمي أوروبا وأمريكا ، والتي اتخذت مكتبها في المسفلة بأول مسيال الهرساني على يسار الذاهب لأسفل المسفلة ، وكان رئيس مجلس إداراتها السيد / فؤاد عبدالحميد عنقاوي ، والذي يعتبر أول رئيس لمجلس إدارة مؤسسة طوافة وفقا للوثائق التاريخية .
وقبل الختام أتوقف أمام ما ذكره الأستاذ عدنان صعيدي بقوله : " وعلى مدى سنوات تجاوزت الثلاثين سنة كانت هناك محاولات واجتهادات عدة من المؤسسات، لدخول عالم جديد من الإدارة التجارية الحديثة، لكن يبدو أن بعض حراس الأنظمة التقليدية، والتي رسخت في اذهانهم أن الحج عبادة وليس سياحة دينية، أوقفت عمليات التطوير وتحويل المؤسسات إلى شركات، رأت الدولة أنها الأفضل لخدمات الحجاج " .
فماهي هذه المحاولات والاجتهادات ، لعل في ذكرها فائدة ؟
وللتوضيح فإن " بعض حراس الأنظمة التقليدية " ، كما أشرت إليهم عملوا بجد واجتهاد على تطوير خدماتهم ، ولا يمكن إنكار دور مؤسسة مطوفي حجاج الدول العربية في تطوير مفهوم السياحة من خلال تعاونها مع هيئة السياحة ـ قبل إنشاء وزارة السياحة ـ بعقد شراكة تضمنت فتح المجال أمام منسوبيها من المطوفين والمطوفات للحصول على دورات في الارشاد السياحي ، واستطاعوا المشاركة في تلك الدورات وأثبتوا وجودهم ، وهاهم اليوم يمارسون أعمالهم في الارشاد السياحي بشكل جيد ، فهل ترى أن هذا العمل الذي قدمه حراس الأنظمة التقليدية ، سيء ؟
ثم إن حراس الأنظمة التقليدية في مؤسسات الطوافة ساهموا بشكل قوي في بروز وإنجاح مشروع إرشاد حافلات نقل الحجاج منذ انطلاقته بقرار مجلس الوزراء رقم ( 251 ) وتاريخ 11/9/1422هـ ، والحقائق تثبت ذلك .
كما لعب من اسميتهم بحراس الأنظمة التقليدية في مؤسسة مطوفي حجاج تركيا وحجاج أوروبا وأمريكا وأستراليا دورا بارزا في إنجاح نظام النقل بالرحلات الترددية في المشاعر المقدسة عام 1416 هــ ، وطوروا مفهوم إرشاد الحجاج التائهين ، واستعانوا بطلاب كلية الطب بجامعة أم القرى للعمل في قسم شئون الحجاج المرضى .
ـــــــــــــــــــ
للتواصل
ahmad.s.a@hotmail.com
ashalabi1380@





