هناك أناس يمرّون في حياتنا كما تمرّ النسائم الباردة في ليالي الصيف، يتركون في الأفق أثرًا لا يُنسى، وفي القلوب سكينة. يحملون في حضورهم طاقةً إيجابية خفيفة، وابتسامةً دائمة لا تفارق محياهم، وعفويةً صادقة تُشعر من حولهم بالأمان والبهجة. كانوا – وما زالوا – مصدرًا للمرح والروح الخفيفة، لا تفارقهم البسمة أينما حلّوا، ويتركون بصمتهم النقية في كل من التقوه. هكذا كان الراحل حسن حساني الصبياني، رحمه الله رحمةً واسعة وأسكنه فسيح جناته.
غادر المشهد بصمت، تمامًا كما عاش، بهدوءٍ نادرٍ أصبح سمة له، ورفيقًا دائمًا لمسيرته الطويلة في ميادين كرة القدم. أكثر من خمسين عامًا قضاها في ملاعب الحواري، لاعبًا وموجهًا ومُلهمًا، عاصر أجيالًا متعاقبة، وبقي على الدوام ذلك الرجل خفيف الظل، ودود الحضور، محبًا للنكتة، عميق الإنسانية، بسيطًا في تعامله، كبيرًا في تأثيره.
بدأ رحلته الكروية من نادي الوحدة الرياضي بمكة المكرمة، حيث تفتّحت أولى بوادر شغفه بالرياضة، ثم انتقل إلى ساحات الحواري، وهناك صنع مجده الحقيقي. كوّن عدة فرق، وتبنّى المواهب الصغيرة، درّب البراعم واحتضنهم بروح الأب والمعلم، وزرع فيهم حب اللعبة والانضباط، وأشركهم في دوريات الحواري التي كانت معاهدًا حقيقية لصقل الموهبة. لم يكن مجرد لاعب؛ بل كان صانعًا للفرص، ومصدر إلهام لمن حوله.
كما لعب في صفوف نادي البحر وادي المربخ، وكان أيضًا أحد لاعبي فريق المريخ لكرة القدم بمكة المكرمة في بداياته، حيث ترك بصمات لا تُنسى في سجل هذه الفرق، وذاكرة من عرفوه.
لقد جسّد الراحل حسن حساني الصبياني نموذج اللاعب المجتمعي، الذي لا يكتفي باللعب بل يزرع الروح، ويصنع القيم، ويغرس في الآخرين الإيمان بأن الرياضة تربية ورسالة ومحبة. رحل جسدُه، لكن بقيت سيرته سراجًا يتلألأ في ذاكرة الحواري وقلوب محبيه.
ــــــــــــــــ
*لاعب فريق المريخ لكرة القدم بمكة المكرمة سابقا





