في حياتنا، كثيرًا ما نصطدم بآراء تخالفنا، ومواقف لم نكن نتوقعها، خصوصًا حين تأتي من أقرب الناس إلينا. صدمة المفاجأة أحيانًا تكون مؤلمة، بل قاسية على النفس، لأنها تأتي من دائرة الثقة والودّ. لكن يجب أن نؤمن أن الحياة ليست كلها عسلًا وسعادة، بل هي مزيج من مواقف وأحداث، فيها الفرح وفيها الحزن، وفيها الاختلاف قبل الاتفاق.
الاختلاف سنة كونية، وهو أمر لا مفر منه، وهو لا يعني العداء أو القطيعة. بل إن نضج العلاقات يُقاس بقدرتها على تجاوز الاختلاف دون أن تهتز أواصر المحبة والاحترام. سواء كان هذا الاختلاف في الرأي حول فكرة، أو مشروع، أو حتى في مواقف شخصية، فهو لا يجب أن يتحول إلى خصومة أو جفاء. فربما نكون نحن المخطئين، وربما هم، وربما يكون الصواب موزعًا بين الجميع.
والمؤمن الواعي يعلم أن هذه الدنيا قصيرة، وأن الحياة تجمع وتُفرق، وأن لا أحد خالد في موقع أو مسؤولية أو قيادة. فكم من أصحاب قوة ومكانة وسلطان رحلوا؟ أين هم اليوم؟ رحلوا وبقيت سيرهم. ونحن كذلك سنرحل، ويأتي بعدنا من يواصل، ويدير، ويخدم. فلا داعي أن نُحمّل الأمور فوق ما تحتمل، ولا أن نُفرّق بين القلوب بسبب خلاف عابر أو رأي لا يوافق أهواءنا.
فلنعش بسلام حين نكون مجتمعين على عمل أو مهمة أو دور، لأن ما يبقى في النهاية هو علاقات الودّ والمحبة والوئام، لا الصراعات ولا الخلافات. نغادر وتبقى الذكرى. نرحل وتبقى المواقف. ولن نأخذ معنا سوى أعمالنا، وستبقى البصمات الطيبة لمن حافظ على قلبه نظيفًا ولسانه سليمًا وروحه متسامحة.
وفي الاتحاد العربي لرواد الكشافة والمرشدات هناك قيم راقية ومواقف ساميه نعتز بها كثيرا ، واشخاص دخلوا في اطار معارفنا تركو اثرا طيبيا سوف لن ننساهم ، و"أنا" خضت تجارب عديدة وفي مجالات مختلفة منها الرياضية ،والاجتماعية ، التطوعية ، وثقافية ، غيرها ، لكن الكشفية منها أكثر أثرًا ، وأعمق علاقة ، واميز تجارب، ربما لأنها أقل المجالات خلافا واختلاف في نظري ، لان العلاقات فيها دائما فوق المصالح ، ووفق قانون شُرع لينظم كل شي ، وحتى الاختلافات البسيطة بسبب الابتعاد عن قانونها قليلا ومن حُسن الحظ إلى العود إلى الصواب فيها سهل وأسرع من غيرها من المجالات
وفي العمل التطوعي، وهو من أسمى صور العطاء، يظهر أيضا هذا بوضوح. فالعمل التطوعي له قواعد، والمتطوع له حقوق وعليه واجبات، وليست كل هذه الواجبات محل قبول عند الجميع، لكنها جزء من التزامنا الجماعي. فليست المسألة مجرد اجتهاد فردي، بل عمل مشترك تحكمه قيم، وينظمه احترام متبادل.
ومع كل هذا، يظل "اختلاف الرأي لا يُفسد للودّ قضية" قاعدة ذهبية، إن فهمناها وطبقناها، عشنا بسلام، وغادرنا بذكرٍ طيب ، فلنفهمها يابشر ، هذا علمي وسلامتكم .





