في أقصى الجنوب المغربي، حيث تلتقي رمال الصحراء بزرقة الأطلسي، شددنا الرحال – أنا والزميلان العزيزان - (محمد محراب ، وجميل هوساوي ) - نحو مدينة الداخلة، للمشاركة في مخيم الداخلة الكشفي الدولي، الذي أُقيم في الفترة من 15 إلى 21 يوليو الجاري، تحت رعاية رئيس مجلس جهة الداخلة وادي الذهب، الخطاط ينجا، وبإشراف مباشر من الجامعة الوطنية الكشفية المغربية بقيادة الرئيس المنتدب المهندس عزيز حافظي
ومنذ اللحظة الأولى، كنا ندرك أننا على موعد مع تجربة استثنائية، لكن الواقع تجاوز التوقعات ، المخيم لم يكن مجرد فعالية كشفية؛ بل محطة إنسانية وروحية ومعرفية، تخلّلتها لحظات ستظل محفورة في ذاكرتنا طويلاً. ،كنّا ثلاثة رفاق سفر، تقاسمنا السكن والضحكة والمواقف، وشهدنا معًا كيف تتحول الأيام العادية إلى حكاية تُروى.
وما أن وطأت أقدامنا تلك المدينة الحالمة ، حتى رأينا بأعيننا حجم التحول الحضري والتنموي الذي تعيشه (الداخلة) ، أعمال البنية التحتية تتناثر في كل زاوية، في مشهد يُبشّر بأن هذه المدينة لن تكون فقط وجهة مغربية، بل محطة قارية وعالمية واعدة في خارطة السياحة البيئية والرياضية والثقافية.
شوارع تُرصف، أرصفة تتسع، ومرافق تُشيَّد بدقة عالية ، هذا كله لم يكن مجرد تطوير عمراني، بل رؤية شاملة تنهض بالإنسان والمكان معًا.
في أيام المخيم، لمسنا عن قرب كاريزما المسؤول الحقيقي، مُمثلة في شخص رئيس مجلس الجهة (الخطاط ينجا) ، حضر بنفسه، تابع سير الأنشطة، شارك الكشافة لحظاتهم، وحرص على أن يكون النجاح نابعًا من المتابعة الدقيقة والتواجد الفعلي.
وعلى ذات النهج، كان الحضور المميز للرئيس المنتدب للجامعة الوطنية الكشفية المغربية، المهندس (عزيز حافظي) ، الذي جسّد بقوة صورة القائد الذي لا يكتفي بالكلمات، بل يُشارك بروحه ووجدانه، يساند ويوجّه، ويتحدث بلغة القرب والاهتمام، في كل موقف ومناسبة.
كما أشير إلى أجمل ما عشناه خلال هذا الأسبوع، هو الوجه الإنساني لأهالي الداخلة ، لا تكفي الكلمات لوصف حجم الكرم والحفاوة ، حضرنا مآدب عامرة، أُعدّت لنا بمزيج من الحب والفخر، من رجال ونساء تسابقوا على إكرامنا وكأننا أبناء الدار ، لم نكن ضيوفًا، بل كنا أهلًا وأحباء.
ما كان في الأذهان قبل الرحلة من تصوّرات نمطية، سرعان ما تبدّل الصورة الذهنية عن (الداخلة).. تحوّلت إلى واقع حي ومُبهر، وجدناها مدينة آمنة، جميلة، راقية، وأهلها أهل مودة وخلق وكرم. إنها ليست فقط مدينة في الجغرافيا، بل حالة وجدانية لن تفارقنا أبدًا.
من المواقف التي ستظل عالقة في ذاكرتنا، تلك النغمة الخاصة التي رافقت كل حديث يدلي به الشهم الكريم الصديق الصدوق ، السيد (بلال صامبا)، حين يختتم حديثه بعبارة "والله"، التي كان يرددها بإحساس صادق ولهجة محببة ، كانت تلك الكلمة البسيطة تحمل بين طياتها صدق النية، ودفء الروح، وأصبحت لحنًا متكررًا عشنا عليه طوال فترة المخيم، فأضفت على الأجواء طابعًا عفويًا وأليفًا زاد من ارتباطنا بالمكان والناس.
غادرنا الداخلة.. لكننا لم نغادر صداقاتنا الجديدة، علاقات إنسانية صادقة نسجناها مع قادة ، وكشافة ، منظمين ومشاركين. صداقات قوية وراقية ستستمر، لأنها بُنيت على أرضية مشتركة من القيم، والأهداف، والحب الصادق للعمل الكشفي.
ومن القلب، شكراً لكل من أسهم في نجاح هذا المخيم ، شكرًا للمُنظمين، ولأهالي الداخلة، وللقيادات الكشفية التي حضرَت وشاركت وتفاعلت ، شكرًا لرئيس مجلس الجهة الخطاط ينجا على حضوره ومتابعته الراقية، وشكرًا للمهندس عزيز حافظي على التفاني والروح العالية التي بثّها في كل ركن وزاوية من المخيم، شكرا أيها الشهم (أبا المولود ) السيد بلال صامبا ، شكرا للأختين العزيزتين (حسناء) و(شينبها) ، شكرا لسلالة العلم وروح الضيافة عبدالعزيز الشيخ المامي
نعم، سأعود إلى الداخلة - باذن الله - .. عاجلًا أم آجلًا ، فالمكان الذي يسكن القلب لا يُغادر، والذكريات التي تُصنع بالحب لا تُنسى ، والوعد لكم بدعوة صادقة عند البيت العتيق بان يحيطكم بعنايته دائما وابدا ، وأن يجعل بلادكم أمنة ومطمئنة ، ومدينتكم هادئ وحالمة ويديك عليكم نعمه ظاهرة وباطنه ، هذا علمي وسلامتكم .






التعليقات 1
1 ping
محمد محراب
23/07/2025 في 12:51 م[3] رابط التعليق
احد المشاركين معك في هذه الرحلة
مع كل ماقلته في حق الداخلة ك مدينة
وأهلها ك شعب
ونموذج ك ( بلال صامبا)
اتفق معك فيما ذكرت كانت صورة وحقيقه عشناها