شدّني مؤخرًا ترشّح سبعة من رياضيي مكة المكرمة نحو كرسي رئاسة رابطة الهواة الفرعية لكرة القدم بمكة المكرمة، ذلك الكرسي الذي صار يُوصف بـ"المسكين"، بعدما تراجع دوره عامًا بعد عام، وتراجعت معه فاعلية المنجم الكروي الذي أخرج نصف نجوم الأندية والمنتخبات السعودية والخليجية يومًا ما.
فهل ترشُّح هذا العدد الكبير من الرياضيين يُعدّ صحوة صحية؟ أم أن الكرسي أصبح سهلًا لدرجة أغرت الجميع بخوض التجربة دون تقييم واقعي؟
تابعت باهتمام ملفات وبرامج أغلب المرشحين، ولم أجد ما يُقنع أو يُلهم. مع احترامي الشديد لجميع المرشحين، وجدت في برامجهم وعودًا كثيرة، لكن معظمها رنانة، لا تستند إلى خطة قابلة للتنفيذ، ولا تعكس فهمًا عميقًا للتحديات الواقعية التي تمر بها رابطة الهواة.
أطالب كل من ينوي التقدُّم لهذا المنصب أن يقدّم برنامجًا واضحًا، واقعيًا، بلا مبالغات، وأن يبتعد عن الوعود الفضفاضة، لأن ما تقوله اليوم سيصبح عبئًا ثقيلًا عليك غدًا. الجمعية العمومية قد تُصفّق لك الآن، لكن الميدان لن يرحم أحدًا، وربما تتحول إلى عدو ومطالب شرس في المستقبل.
أقول لكل مرشح : لا تكن منفصلًا عن الواقع، وإن لم تكن متأكدًا من صعوبة المهمة، اسأل آخر ثلاثة رؤساء سبقوك (آدم هوساوي، علي الصبياني ، سلطان عبدربه )، وعشرات الزملاء الذين كُلّفوا بالعمل في اللجان، اسألهم عن حجم التحديات التي واجهوها، وعن الضغط الكبير الذي عانوه داخل اللجان والمجالس.
لذلك، دعونا نفكّر بهدوء، ونختار بعقل، ولنبدأ برامجنا الانتخابية من حيث يجب أن تبدأ .. بواقع يمكن تغييره، لا بحلم لا يمكن الوصول إليه.
وأقول للجمعية العمومية، ولرؤساء الفرق، ولكل ناخب ذاهب إلى صناديق الاقتراع : لا تغرّكم البرامج الرنانة، ولا تنخدعوا بالوعود الفضفاضة التي يستحيل تنفيذها على أرض الواقع.
فكّروا برؤية، وامنحوا أصواتكم لمن يستحقها فعلًا، وإن لم تجدوا من يستحق، فلا تترددوا في الاحتفاظ بأصواتكم، فقد ينصفكم التاريخ يومًا ما، ويشهد أنكم لم تكونوا جزءًا من اختيارات فاشلة.
وأقولها صادقًا، لا من باب التنظير، بل من واقع تجربة.
عملتُ سابقًا ضمن لجنة في أحد المجالس، وغصت في تفاصيل العمل داخل الرابطة، وتعمّقت في الملفات والواقع المؤلم.
وأؤكد لكم، أيها الإخوة الرياضيون، أن العمل في الرابطة – وخصوصًا في فرع مكة المكرمة – صعب، بل صعب جدًا.
لا توجد موارد كافية، إلى جانب وجود انقسامات دائمة، بعضها مصطنع، وبعضها نتيجة اختلافات في الرؤى.
لا توجد ملاعب قانونية بالمستوى المطلوب، لا يوجد دعم مالي حقيقي، "قضاة الملاعب" من الحكام منقسمون، إدارات بعض الفرق تعاني، وحتى الإعلام لا يستطيع العمل باحترافية لأسباب كثيرة.
أما التكتلات، فحدّث ولا حرج. فهي قائمة، مستمرة، متفشية، ونتاج تراكمات قديمة، وأمور عديدة لا يتسع المجال لسردها هنا.
باختصار لا شيء في الواقع يُبشّر بنقلة نوعية تجعلنا نُسلّم بالوعود المستحيلة، ونحن نعلم تمامًا بواطن الأمور، هذا علمي، وسلامتكم.





