حين نتأمل خارطة السياحة في المملكة هذا العام، سنجد أن الطائف لم تحجز مقعدها فقط، بل تصدّرت المشهد، ورفعت راية "الصيف لها"، دون ادّعاء أو ضجيج. موسم بعد موسم، تثبت هذه المدينة الجبلية البديعة أنها ليست مجرد خيار صيفي، بل وجهة وطنية بامتياز، تفرض حضورها بجمالها، ومناخها، وروحها، وناسها.
مشاهد الزحام التي تناقلتها كل وسائل الإعلام العربية والإقليمية وأرتال السيارات وقوافل السياح الملاحظة بشكل كبير جدا هذه الإيام في طرقات الهدا والشفا، والامتداد السكاني على سفوح الجبال وفي كل جزء من عروس المصائف .؛ لم يعد يُقرأ كاختناق، بل كعلامة صحة؛ دلالة على أن الطائف باتت قبلةً يهرب إليها السعوديون والخليجيون من حرّ الصيف ولهيب المدن. الحشود التي تتوافد من أنحاء المملكة، لا تأتي فقط لهواء الطائف العليل، بل تأتي لتتذوق نكهة الحياة بطابع مختلف: خفيف، هادئ، ومخملي.
موقع الطائف الجغرافي على حافة الحجاز، وتربّعها على ارتفاع شاهق، منحها هواءً لا يُشترى، ونكهة لا تُقارن. لكنها لم تكتفِ بعطايا الطبيعة، بل أضافت إليها بنية سياحية تتطور عامًا بعد عام، ومهرجانات تنبض بالحياة، ومرافق تُرضي العائلة والطفل، وتسعد السائح الباحث عن الهدوء والجمال في آنٍ معًا.
الطائف ليست مدينةً تعيش على مجد الماضي، بل تتحرّك بثقة نحو المستقبل. مشاريع السياحة، والمطار الجديد، والاستثمارات الزراعية والسكنية، كلها مؤشرات أن هذه المدينة تستعد لتكون واجهة دائمة، لا موسمية فقط. ومع كل هذا، لم تفقد الطائف هويتها، بل حافظت على أصالتها، ولهجتها، وزهو ورودها.
ربما أجمل ما في هذا الاكتساح السياحي أن الطائف لم ترفع صوتها لتقول "أنا الأجمل"، بل تركت الزائر هو من يختار.. وعندما اختار، اختارها. بوعي. بشغف. وبنية العودة. وما أكثر من عاد هذا الصيف، بعد أن ذاق جمالها مرّة.
الطائف اليوم ليست فقط "مصيف الملوك"، بل مصيف الوطن، وواحة الروح، ومنفى الحرّ، وميدان الفرح. وبين وردها وندى صباحها، وبين جبالها وناسها، تقف شامخةً، وكأنها تقول: الصيف لي.. ومن أراد الدفء في عز القيظ، فليأتِ إلى الطائف.





