البطولة العربية الحادية عشرة للناشئين والناشئات في تونس لم تكن مجرد منافسة رياضية على الميداليات والأرقام القياسية، بل كانت لوحة إنسانية عميقة تجسد روح الأخوة العربية بأجمل صورها.
فعلى الميدان والمضمار، يتبارى اللاعبون بشراسة، كلٌ يسعى ليضع اسم بلده في الصدارة ويرفع رايته عالياً. الحماس يشتعل، والإرادة تتوهج، والتحدي يبلغ ذروته في كل سباق أو مسابقة. لكن ما أن يبتعدوا عن أرض المنافسة، حتى تذوب كل الفوارق، وتعود الابتسامات لتتصدر المشهد.
في أماكن السكن، وعلى موائد الطعام، تجد المتنافسين قبل ساعات خصوماً في المضمار، وقد تحولوا إلى أصدقاء يتبادلون الحديث والنكات، ويشاركون بعضهم الوجبات بروح الأسرة الواحدة. هناك، تتلاشى أعلام الدول وتبقى إنسانية الرياضة وقيمها العليا هي الراية التي ترفرف.
وكذلك الحال مع الأجهزة الإدارية والفنية، فهي أيضًا تعيش هذه الروح. فالرياضة، بلا شك، تحمل في طياتها معاني سامية. نعم، قد ينهار الخاسر أحيانًا بعد المنافسة، وتغلبه دموعه من شدة الحزن، لكن ما أن يغادر الميدان حتى تتبدل حاله، ويعود ليتأهب من جديد واضعًا عينيه على المستقبل.
هذا المشهد يعكس الرضا بما قسم الله، ويجسد المعنى الأصيل للرياضة؛ فهي ليست مجرد تنافس على ميدالية، بل هي روح رياضية، ونفس راضية، تقبل الخسارة كما تحتفل بالفوز.
إنها البطولة العربية، حيث الأرقام تُحطّم، والميداليات تُوزّع، لكن القيمة الأكبر تبقى في الأخوة التي وُلدت بين أبنائها، وفي الروح الرياضية التي تزرع في نفوسهم الرضا والإصرار معًا.





