شهدت بأم عيني تفوقًا رياضيًا لافتًا للفئات السنية العربية، على الميدان والمضمار، واللاعب العربي في أكثر الألعاب الرياضية يظهر عزيمة وإصرارًا لا يضاهى؛ يحرث الملعب، يقدم منافسة قوية، ويتطور مستواه مع كل تدريب ومنافسة، إن الروح القتالية والعزيمة التي تتحلى بها هذه الفئة ترفع الرأس، وتثبت أن الرياضة العربية قادرة على المنافسة والتميز.
لكن المفارقة المؤلمة تظهر عندما يقف الرياضي أمام الكاميرا أو حتى يوجه إليه الميكروفون. فجأة، يتحول اللاعب النشيط والحيوي على الميدان إلى شخص عاجز عن التعبير عن نفسه، حائر أمام أسئلة الإعلام، وكأن صوته قد خُنق. هذا الخرس الإعلامي ليس قصورًا في قدراته الرياضية، لكنه يشير بوضوح إلى فجوة كبيرة في تدريب اللاعبين على المهارات الكلامية والثقة بالنفس أمام الجمهور والإعلام.
المدربون والجهاز الفني يركزون على الإعداد البدني، ويعملون على تطوير المستوى الفني للاعبين وهذا عملهم ، بينما يدعمهم الجهاز الإداري لوجستيًا وهذه مهمتهم. لكن ما ينقص هو إعداد اللاعبين نفسيًا وإعلاميًا. على سبيل المثال، في البطولة العربية الحادية عشرة، لاحظت أن لاعبات المغرب كن أكثر قدرة على الحديث أمام الكاميرا، وهذا ليس انتقاصًا من قدرات الرياضيين العرب الآخرين، بل يعكس مستوى الاهتمام بالمهارات الإعلامية لديهم.
أما الشكوى الكبرى فتتعلق خصوصًا بنجوم أم الألعاب، الذين يتميزون دائمًا بالأداء القتالي والصبر على التدريب القاسي. هؤلاء الرياضيون يخوضون منافسات الـ100 والـ200 متر، إلى نصف الماراثون والماراثون، ويرمون الرمح، ويطيحون بالمطرقة، ويقفزون بالعصا ويثبون عاليا في الهواء أو طويلًا أو ثلاثيًا، ويحققون ميداليات مستحقة ،ـ ورغم هذه الإنجازات الضخمة، يجدون صعوبة كبيرة في الحديث عن ألعابهم وشرح ما قدموه أمام الملأ ووسائل الإعلام ، أن تحقيق الميدالية والتفوق في أم الألعاب أصعب بكثير من الحديث أمام الكاميرا، وهذا أمر علمي مثبت
ومع متابعة الأمر، اتضح أن الرياضي العربي أصبح حريصًا على متابعة ما يُبث ويُكتب عبر الإعلام فقط، ولا يسعى لأن يكون محترفًا في التعامل مع وسائل الإعلام، لكن ذلك وحده لا يكفي. المطلوب هو أن نسهم في حل هذه الظاهرة من خلال تعويد اللاعبين واللاعبات على الحديث أمام الأجهزة الفنية والإدارية والإعلامية، وتدريبهم على التعبير عن أفكارهم وآرائهم بوضوح وبإتقان.
على المدربين والإداريين الاستماع إلى اللاعبين، طرح الأسئلة عليهم بطريقة تشجعهم على التحدث، ومتابعة أدائهم الإعلامي تدريجيًا. هذا التدريب المستمر سيمنح الرياضي الثقة اللازمة، ويجعل التعامل مع وسائل الإعلام جزءًا طبيعيًا من مسيرته الرياضية، ويسهم في تفوقه في أضيق الأحوال، تمامًا كما هو جزء من تدريبه البدني والفني.





