قد يملأ الحزن القلب حين يفتقد الابن حضن أبيه، وقد يضيق الصدر حين لا يجد تلك اليد الحانية التي أمسكت به يوم تعثر، وقد يغشاه الشوق إلى ذاك الوجه الذي كان يضيء أيامه بابتسامة الرضا. أبي… ما زلتُ أشعر بدفء كلماتك، وما زالت وصاياك تنير دربي.
لقد أوصى الله تعالى ببرّك يا أبي، وجعل ذلك مقرونًا بعبادته فقال:
﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23].
وكنتُ أسمع حديث رسول الله ﷺ يتردد في أذني:
«رِضا اللهِ في رِضا الوالدِ، وسَخَطُ اللهِ في سَخَطِ الوالدِ» [الترمذي].
فكنتُ أعلم أن رضاك يا أبي هو طريقي إلى رضا ربي، وأن برّك هو مفتاح بركة حياتي.
أبي… أنت الذي علّمتني أن أواجه الحياة بقوة، أن أبتسم في وجه الصعاب، أن أتمسك بديني وأخلاقي. كنتَ قدوتي الأولى، ومعلمي الصابر. فكيف لا أشتاق إليك، وكيف لا يفيض قلبي بحبك؟
قال رسول الله ﷺ حين سُئل عن أحب الأعمال إلى الله:
«الصلاة على وقتها»، قلت: ثم أيّ؟ قال: «برّ الوالدين» [البخاري ومسلم].
فأيقنتُ أن برّك ليس مجرد مشاعر، بل هو عبادة وقربة أتقرب بها إلى الله.
اللهم ارحم أبي كما ربّاني صغيرًا، واغفر له ذنوبه، واجعلني صدقة جارية له بدعائي وأعمالي
رحم الله أبي كان ذخراً كان فخراً كان وطن كان لي الحياة.





