تتلألأ الباحة في الجنوب الغربي لشبه الجزيرة العربية كـ«حديقة الحجاز»: سلاسل جبالٍ شاهقة، ووديانٍ تهمس، وغاباتٍ كثيفةٍ تفترش السفوح. تأسست الإمارة الإدارية لمنطقة الباحة في شهر ذي الحجة عام 1383هـ، وعاصمتها مدينة الباحة التي تمثل مركز الحياة الثقافية والزراعية والسياحية في الإقليم.
الطبيعة والهوية السياحية
من جبال السراة إلى وديان تهامة، تمتلك الباحة أكثر من غابة ومحمية صغيرة وشبكة من المدرجات الزراعية التي تحول المنحدرات الصخرية إلى أحزمةٍ خضراءٍ منتجة. هذه التركيبة المناخية والتضاريسية جعلت منها وجهةً مميزةً للسياحة الداخلية والخارجية، وموطنًا لبساتينٍ تنتج عنبًا ورمانًا ومشمشًا وأنواعًا أخرى من الفواكه الصيفية.
آثار ما قبل التاريخ وما قبل الإسلام — أدلةٌ محفورة في الحجر
الباحة ليست جميلةً فقط، بل هي سجلٌّ صامت لتاريخ طويل:
• موقع بني كبير: حُفرت فيه رسومٌ آدمية وحيوانية، وُجدت رجوم حجرية وبقايا معمارية وأدوات حجرية يُرجَّح أن بعضها يعود إلى الألفية الثانية قبل الميلاد (حوالي 2000 ق.م.).
• هضبة أبي الحصين ومواقع مثل القرى والمطاحة تضمّ نقوشًا ودوائر حجرية وأحجارًا منحوتة تعكس نمط حياة الإنسان القديم في السراة.
هذه الشواهد الأثرية موثّقةٌ في دراسات ومصادر محلية ورسمية وتُؤكد تواصل الإنسان مع هذا الفضاء عبر آلاف السنين.
قرى الحجر — ذا العين مثالٌ حيّ
قرية ذي عين الشهيرة ببيوتها المصقولة من الحجر ومساجدها القديمة، تُعد نموذجًا لمعمار المنطقة التراثي، يعود بعضها (بحسب مصادر التوثيق) إلى قرونٍ عدة، وتحوّل اليوم إلى مقصدٍ للزائرين الباحثين عن صورةٍ أقدم للحياة في الباحة.
أدلة زراعية وهويات محلية
ثمار الباحة ليست ترفًا؛ بل هي اقتصادٌ وتراث. الرمان الباحي مثالٌ على إنتاج محلي متميّز مدرج في مبادرات الحفاظ على التراث الغذائي، وتؤكد تقارير رسمية أن المنطقة تنتج أنواعًا متعددة من الفواكه الصيفية، ما جعل الزراعة عنصراً أساسياً في هويتها. كما أن المدرجات الزراعية القديمة لا تزال مكوّناً أساسياً في المنظر الطبيعي وتستعمل كآلية ذكية لحفظ التربة والمياه.
⸻
بعض اقتراحات ابتكارية تربط الحاضر بالماضي (أفكار عملية يمكن تبنّيها)
1. ممرّ أثر رقمي (Reality Trail): تطبيق هاتف يعرض للزائر عند كل موقع أثري أو قرية تاريخية محتوى واقع معزز (AR) يحتفظ بنسخٍ رقميةٍ من النقوش ويُعيد تركيب البيوت الحجرية بصريًا كما كانت. (فكرة قابلة للتنفيذ بالتعاون مع جامعات التقنية والسياحة).
2. علامة جودة منتج الباحة (علامة الرمان/العنب الباحي): شهادة تعرّف المنتجات المحلية الأصلية وتدعم سوقًا مستدامًا ــ حماية للسلالات المحلية كـ«رمان الباحة».
3. مهرجان المدرجات والحصون: فعالية سنوية تُظهر التقانة الزراعية القديمة والطبخ المحلي والأسواق الشعبية (مثل سوق السبت)، مع سباحة بيئية ومسارات مشي تُعيد تنشيط الاقتصاد المحلي دون المساس بالتراث.
4. مشروعات تأهيل المدرجات: برامج دعم فني لتهيئة أكثر من ألف مزرعة بالمنطقة للحفاظ على المدرجات وزيادة كفاءة حجز مياه الأمطار، تُمكّن المزارع الصغيرة من رفع الإنتاجية بطرق مستدامة.





