في زمنٍ أصبحت الكلمة فيه أسرع من الضوء، والمحتوى يقطع المسافات في لحظة، يقف المبدع في كل مجالٍ — كاتبًا كان أو مصوّرًا أو باحثًا أو معلّمًا أو شاعرًا — ليقدّم فكرته، يسعى بها إلى غايةٍ نبيلة: تنوير العقول، وتصحيح المفاهيم، وإيقاظ الوعي الجمعي نحو الأفضل.
•لكن ما لا يراه الكثيرون هو ما يختبئ خلف تلك الفكرة من وقتٍ وجهدٍ وصبرٍ على التهذيب والصياغة حتى تخرج في قالبٍ يليق بالعقول التي تُخاطَب، ويستسيغها المتلقي في زمنٍ ازدحم فيه الضجيج وقلّت فيه الأصوات العاقلة.
•ورغم ذلك، تمرّ أفكار المبدعين أمام البعض مرور العابرين؛ تُقرأ، تُشاهد، وربما تُحفظ، لكنها لا تُثمَّن بكلمة شكرٍ، أو إعجابٍ، أو حتى نقدٍ بنّاء.
وهنا تكمن مشكلة ثقافتنا الحديثة: نستهلك الإبداع ولا نُسهم في دعمه.
إن كلمة “شكرًا” الصادقة، أو إيماءة إعجابٍ، أو تعليقًا واعيًا يحمل رأيًا أو ملاحظة، هي وقود المبدع، وسرّ استمراره، وجسر عبوره نحو مزيدٍ من الإبداع والعطاء.
فكما يُقال: الفكر لا يعيش في الصمت، بل في الصدى.
⚡️لذلك، لا تَمضِ دون أن تُُمضي.
إذا مررت بفكرةٍ أضاءت لك دربًا، أو لامست فيك وعيًا، أو صحّحت فهمًا، فكن جزءًا من ديمومتها.
ادعم صاحبها، أثنِ عليه إن أحسن، وانصحه برقيٍّ إن أخطأ، فكل مبدعٍ لا ينتظر جمهورًا كثيرًا بقدر ما ينتظر عقولًا واعية تُنصت، وتقدّر، وتدفعه للاستمرار في عطائه.
فالإبداع لا يزدهر إلا حين يجد بيئةً تُنصت له، وقلوبًا تُؤمن به، ومجتمعًا يُدرك أن الكلمة الطيبة قد تُحيي فكرةً قبل أن تموت:
•✍️ محمد شبيب





