سؤالٌ طالما شغل عشّاق الفن الأصيل
وتردّد صداه في أروقة التاريخ الفني العربي !!
الحقيقة أن العلاقة بين كوكب الشرق أم كلثوم والشاعر الكبير أحمد رامي كانت علاقة استثنائية تتجاوز الوصف العادي بين شاعرٍ ومطربة .. فقد جمعهما الفن ونسج بينهما القدر خيوطاً من الإعجاب والاحترام بل ومن الحب وإن كان حباً من طرفٍ واحد !!
أحمد رامي أحب أم كلثوم حباً صادقاً عميقاً
يتجلّى في كل كلمة كتبها لها وفي كل بيتٍ من قصائده التي غنّتها بصوتها الساحر .. كتب لها أكثر من مئة أغنية
كانت معظمها مرايا تعكس مشاعره الخفية وألمه النبيل
قال ذات يوم : “ كنت أعيش في حبها وأتنفسها شعراً وأراها في كل قافية ”.
أما أم كلثوم فكانت تدرك مكانة رامي في حياتها الفنية
وتُقدّر له إخلاصه وموهبته .. لكنها لم تبادله ذلك الحب الرومانسي .. كانت واقعية في نظرتها للعلاقات ووضعت الفن فوق كل شيء، فظلت العلاقة بينهما محاطة بجلال الصداقة ودفء التعاون الإبداعي ..
وفي بداية الستينات قدّم أحمد رامي لأم كلثوم كلمات أغنية « حيرت قلبي معاك » التي يعتقد بعض النقاد أنها تُلخّص قصة حبّه لأم كلثوم ذاك الحب الأفلاطوني الصامت الذي كتمه طويلاً في صدره حتى فاض شعراً وتألقاً وكلماتٍ نابعة من أعماق قلبه ..
ومن الطرائف المرتبطة بهذه الأغنية أن أم كلثوم توقفت عند جملة تقول : « عايزة أشكيلك من نار حبي » وطلبت من رامي أن يستبدل كلمة «عايزة» بكلمة «بِدّي»، قائلة له: « عندنا في البلد عيب إن ست محترمة تقول عايزة !»، فاستجاب رامي لتعديلها ولحّنها العبقري رياض السنباطي
وقدّمتها كوكب الشرق بالشكل الذي نعرفه جميعاً فأصبحت من علامات الغناء العربي الخالدة ..
ورغم أن أحمد رامي عاش ومات على حبٍّ لم يُكتب له أن يكتمل إلا أن هذا الحب كان وقوداً لأجمل الأغاني التي خلدها التاريخ : جددت حبك ليه و هجرتك ورق الحبيب وانت الحب ويامسهرني و عودتي عيني وغيرها من الروائع التي صارت جزءاً من الوجدان العربي ..
هي قصة حبٍّ نادرة
لم تنتهِ بالوصال ولا بالفراق
بل خُلّدت في القصائد والألحان
لتبقى شاهداً على أن الحب الصادق
قد لا يُقال .. لكنه يُغنّى ويُخلّد !!
ــــــــــــــــــــ
*أديب وكاتب كويتي
-





