مِنَ السُّنَنِ العَظِيمَةِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ التَّذْكِيرُ بِهَا فِي يَومِ الجُمُعَةِ: سُنَّةُ التَّبكِيرِ إِلَى صَلَاةِ الجُمُعَةِ، وَهِيَ عِبَادَةٌ جَلِيلَةُ الأَجْرِ، يُسْتَحَبُّ لِلمُسْلِمِ أَنْ يَحرِصَ عَلَيْهَا، فَيُبَكِّرَ بِالحُضُورِ إِلَى المَسْجِدِ قَبْلَ صُعُودِ الخَطِيبِ المِنبَرَ.
⧫ حُكْمُ الذَّهَابِ إِلَى المَسْجِدِ لصلاة الجُمُعَةِ
⏎ يَنقَسِمُ الذَّهَابُ إِلَى صلاة الجُمُعَةِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
↜❶ سُنَّةٌ: وَيَبْدَأُ وَقْتُهَا مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الفَجْرِ، وَقِيلَ: مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَهُوَ الأَقْرَبُ ـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ـ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «مَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الأُولَى…»، وَلَمْ يُبَيِّنْ بَدَايَةَ هَذَا الوَقْتِ.
⏎ قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي نُورٍ عَلَى الدَّرْبِ: الأَقْرَبُ أَنَّهُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ، لِأَنَّ الصُّفرَةَ تَابِعَةٌ لِمَا قَبْلَهَا.
↜❷ مُحَرَّمٌ: وَهُوَ الذَّهَابُ إِلَى المَسْجِدِ بَعْدَ انتِهَاءِ صَلَاةِ الجُمُعَةِ، لِأَنَّ الوَقْتَ حِينَئِذٍ قَدْ فَاتَ.
↜❸ وَاجِبٌ: عِندَ سَمَاعِ النِّدَاءِ الأَخِيرِ، لِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجُمُعَةِ: 9].
⏎وَالمَقْصُودُ بِالنِّدَاءِ هُنَا هُوَ الأَذَانُ الأَخِيرُ قَبْلَ الخُطبَةِ.
⧫ فَضْلُ التَّبكِيرِ إِلَى صَلَاةِ الجُمُعَةِ
❐ وَرَدَتْ فِي فَضْلِ التَّبكِيرِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا:
❐ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ اغْتَسَلَ يَومَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً».
رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
❐ وَعَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ يَومَ الجُمُعَةِ، وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ، فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ، أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا». رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ.
❐ وَفِي مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «تَقْعُدُ المَلَائِكَةُ عَلَى أَبْوَابِ المَسَاجِدِ يَومَ الجُمُعَةِ، فَيَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، حَتَّى إِذَا خَرَجَ الإِمَامُ رُفِعَتِ الصُّحُفُ».
⧫ مَا الأَعْمَالُ الَّتِي يَقُومُ بِهَا مَنْ بَكَّرَ فِي الحُضُورِ؟
❐ يَنْشَغِلُ مَنْ بَكَّرَ إِلَى المَسْجِدِ بِالعِبَادَاتِ، وَمِنْ ذَلِكَ:
•⏎ الصَّلَاةُ مَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنَ الرَّكَعَاتِ.
•⏎ تِلَاوَةُ القُرْآنِ الكَرِيمِ.
•⏎ التَّسْبِيحُ وَالتَّهْلِيلُ وَالاسْتِغْفَارُ.
•⏎ الإِكْثَارُ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ.
• ⏎ الدُّعَاءُ، خَاصَّةً قَبْلَ دُخُولِ الإِمَامِ إِلَى الخُطبَةِ، وَفِي السَّاعَةِ الَّتِي تَكُونُ مَا بَيْنَ جُلُوسِ الإِمَامِ إِلَى انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ، لِحَدِيثِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: هل سَمِعْتُ أَبِيك يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ».
رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
❐ نَسْأَلُ اللَّهَ العَظِيمَ مِنْ فَضْلِهِ، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا لِاغتِنَامِ هَذَا اليَومِ المُبَارَكِ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ المُسَارِعِينَ إِلَى الخَيْرَاتِ.





