تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، اختتمت النسخة التاسعة من مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" فعالياتها التي استمرت في الفترة ما بين (27- 30 أكتوبر 2025م) في مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض، تحت شعار "مفتاح الازدهار".
وقد كان ختام المبادرة لافتاً حين أهدى "ريتشارد أتياس".. رئيس اللجنة التنفيذية والرئيس التنفيذي بالإنابة لمعهد "مبادرة مستقبل الاستثمار".. نجاح النسخة التاسعة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان .. ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، قائلاً: "أنت القوة الدافعة لهذه الأمة، والمُلهم وراء هذه المبادرة. شكراً لك على رؤيتك وكرم ضيافتك وإيمانك بما تمثله مبادرة مستقبل الاستثمار".
والأمر المؤكد أن المبادرة في نسختها التاسعة قد رسخت دور المملكة العربية السعودية بصفتها حافزاً للرخاء العالمي، لا سيما وأن المبادرة قد حطمت الأرقام القياسية التقليدية وأسست لمرحلة جديدة من التفاؤل والعزيمة في المشهد الاقتصادي العالمي، إذ شهدت هذه النسخة من المبادرة حضوراً غير مسبوق؛ إذ استقبلت أكثر من 9 آلاف ممثل، و2000 عضو، و60 شريكاً استراتيجياً، و600 ممثل إعلامي من أكثر من 60 دولة.
وفي هذه المبادرة العالمية الفذة، أعلن القادة والمستثمرون والمبتكرون العالميون عن بزوغ فجر حقبة اقتصادية جديدة، تعتمد قوتها الدافعة على الذكاء الاصطناعي، والبراعة البشرية، والإيمان المشترك بالتقدم، علماً بأنها شهدت تحولاً تاريخياً في نوعية المشاركين، حيث جاء نحو (52%) من المتحدثين هذا العام من قطاع التكنولوجيا؛ ما يؤكد بوضوح أن الاقتصاد العالمي يتجه نحو الاعتماد الكامل على القوى المحررة للذكاء الاصطناعي، وتلك كانت أولى الظواهر المهمة التي أفرزتها المبادرة هذا العام، لا سيما مع استحواذ الشركات الناشئة في مجالات الطب المصمم بالذكاء الاصطناعي، والصحة التشخيصية، والروبوتات البشرية، والحوسبة السيادية على اهتمام المستثمرين بفعاليات المبادرة.
وقد تجلت أهمية قطاع الذكاء الاصطناعي في الكشف عن خطة استراتيجية لنشر ما يصل إلى 400 ألف شريحة ذكاء اصطناعي فيالمملكة العربية السعودية بحلول عام 2030، وهذا الاستثمار الضخم يهدف إلى بناء القدرة الحاسوبية اللازمة لدعم ثورة الـذكاء الاصطناعي محليا، حيث تم الإعلان عن شراكة استراتيجية نوعية بين شركة "هيوماين" - إحدى شركات محفظة صندوق الاستثمارات العامة- وشركة "كوالكوم تكنولوجيز" الأميركية لإطلاق بنية تحتية متقدمة للذكاء الاصطناعي في المملكة. وفي خطوة تؤكد الثقل الاستراتيجي لهذا القطاع، اتفق عملاق النفط "أرامكو" مع "صندوق الاستثمارات العامة"على شراء حصة مؤثرة في هذه الشراكة الاستراتيجية، مع تأكيد "أرامكو" على الأهمية القصوى للذكاء الاصطناعي في عملياتها المستقبلية.
أما الظاهرة الثانية اللافتة في المبادرة لهذا العام، فقد تلخصت في أن قطاع "رأس المال الخاص" أصبح يمثل العمود الفقري للاقتصاد العالمي، إذ تبلغ قيمة هذا القطاع حالياً أكثر من 13 تريليون دولار، ومن المتوقع أن تتجاوز 20 تريليون دولار في غضون السنوات الخمس المقبلة؛ ما يجعله المحرك الأبرز للنمو الاقتصادي عالمياً.
وفي نفس السياق، كشف رئيس مجلس إدارة هيئة السوق المالية محمد القويز، عن أن رأس المال الخاص هو الآن القطاع الأسرع نمواً في التمويل السعودي، متوسعاً بضعف معدل نمو القطاع، مع تضاعف أصول الائتمان الخاص خلال السنوات الأخيرة.
ومن الظواهر المهمة بالمبادرة أيضاً تلك الجلسة التي حملت عنوان "هل يصبح مجلس التعاون الخليجي مرساة استراتيجية جديدة لرأس المال الجريء العالمي؟"، وفيها وصف الأمير فهد بن منصور الرياض بأنها "عاصمة رأس المال، حيث يجمع المؤسسون التمويل، ويلتقي المستثمرون العالميون الشركاء المحدودين"، كما أكدت الجلسة على صعود منطقة الخليج بصفتها أحد أكثر النظم البيئية الابتكارية ديناميكية في العالم.
ومن ناحية أخرى، أكدت جلسات المبادرة علي صعود المملكة العربية السعودية بصفتها مركزاً استثمارياً عالمياً، لا سيما وأن صناعة إدارة الأصول في المملكة قد تجاوزت تريليون ريال من الأصول المدارة، مدفوعة بابتكار المنتجات، والشراكات العالمية، وتنمية المواهب.
وأخيراً.. تمثل هذه المبادرة هدية قيادة المملكة الرشيدة - أيدها الله- للعالم لتكون بلادنا واحدة من أهم اللاعبين الرئيسيين في مستقبل الاستثمار والاقتصاد عالمياً.. وإلى مزيد من التقدم والنجاح.
ــــــــــــــــ
* مدير البريد السعودي (سبل) بالعاصمة المقدسة





